Sunday, October 9, 2011

عن الهوية الأردنية والأمن قومي الأردني


كان من المؤسف جداً أن لا تتطرق أي من "التعديلات الدستورية" التي تم إقرارها مؤخرا من قريب ولا من بعيد إلى ما يمكن تسميته إصطلاحا الهوية الوطنية الأردنية في هذا الوقت بالذات الذي قد نكون فيه بأمس الحاجة إلى وضع بعض الحدود للبراغماتية الزائفة التي تحكم تعاملاتنا وعلاقاتنا داخل النسيج الوطني وتمنعنا من خوض السؤال الأصعب: من هو الأردني؟

إذا كانت الحساسية المفرطة لمكونات الجتمع الأردني المختلفة دفعت وتدفع بالجميع نحو تحاشي الخوض في هذا الموضوع عدى عن التطرق له قانونيا ودستوريا, فإن الوضع السياسي الراهن والتوجهات السياسية الإسرائيلية التي لم تعد تخجل من طرح حل "الأردن هو فلسطين" بل إننا بالكاد نجد حاليا أي من "الجيران" في المعسكر الإسرائيلي من ينظر إلى الأردن ككيان قائم بذاته حيث أن الجدل الدائر إسرائيليا يتراوح الآن ما بين "الأردن هو فلسطين" و "الأردن هو إسرائيل". في هذه الظروف يجب على الأردنيين والفلسطينين أن يعوا أن مسألة تحديد وتثبيت الهوية والشخصية الوطنية لكل من الشعبين قد تكون مسألة بقاء مصيرية في حال تدهورت الأوضاع أكثر في المنطقة ولسد الباب أمام أي محاولة صهيونية لبناء حقيقة جديدة تتوافق مع مخططاتهم حول الحل للتخلص من مشكلة السكان الأصليين لأرض فلسطين التاريخية ولا شك أن أطماع التوسع الجغرافي عند الإسرائيلي لا زالت قائمة ومشكلة ملكيات الوكالة اليهودية في الأردن هي قنبلة موقوتة تنتظر فقط الموعد المناسب لتفجير الوضع السياسي في المنطقة بكامله.

إن أكبر خطر يواجهه الأردنييون حاليا هو هم أنفسهم، فحالة من الغياب شبه التام لأي حس وطني يقوم على أن مصلحة الوطن فوق الجميع بين كافة النخب السياسية وحتى بين عامّة الشعب. فالولاءات الضيقة التي ظهرت على الساحة من فترة ليست ببعيدة للقبيلة والعشيرة والعرق وبلد المنبت تدفع بالمجتمع الأردني إلى ما لا أستطيع وصفه إلا بالحرب الأهلية مع وقف التنفيذ. ولا أعني هنا بكل وضوح فقط الإشكال الأكبر (الأردني الفلسطيني) بل يتعدّى ذلك إلى نزاعات لا تقل خطورة بين القبائل الأردنية في مختلف مناطق الممكلة على قضاياً لا يمكن وصفها إلا بالمخجلة والتي تعود بالمملكة إلى النزعة التي سادت أراضيها في نهايات الزمن العثماني.

إن وجود أغلبية حالية ذات أصول فلسطينية تكوّن ما يزيد على 56% من المكون السكّاني الأردني يفرض واقعا يجب تفهّمه والتعامل معه بطريقة تحفظ للجميع كرامته وحقوقه ساهم الجميع في بناءه والنهوض به، كما يضمن في الوقت نفسه حفظ الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في أرضه وهويّته. لكن أيضاً في خضم الدفاع عن القضية الفلسطينية يتضائل للأسف حجم الإهتمام بالهوية الأردنية والمكون الثقافي الأردني والتوثيق للشخصية الأردنية المتعددة المشارب مما يولد شعوراً بالغبن عند العنصر الشرق أردني عن كون اعتباره واعتبار أرض المملكة عائلاً للعناصر الجديدة المهاجرة. كما أن ضبابية الأفق وانعدام الرؤية في كل ما يخص القضية الفلسطينية فإن الواقع الجديد القديم للعنصر الفلسطيني في كون الأردن دار مقر لا دار زيارة أصبح يفرض نفسه أكثر وأكثر دافعا الجميع لإعادة الحسابات حول ما يتعلق بالمشاركة بالعملية السياسية في المملكة.  وحتى لو فرضنا جدلاً انفراجاً تحدثه معجزة في القضية الفلسطينية فإنه ومن المرفوض ومن غير المنطقي المطالبه برحيل أي عنصر من عناصر المجتمع الأردني الحاملين لجنسيته تحت أي ظرف من الظروف. لكن هذا يعيدنا إلى المربع الأول فبما أننا جميعا نعرف من هو الفلسطيني إذاً من هو الأردني؟

غياب التعريف القانوني والدستور لهذه المسألة جعلها مجالاً للتعريف والتأويل، وأثيرت هذه العاصفة مجدداً بعد مقالة الكاتب عريب الرنتاوي الأخيرة (من أي إناء ينضح هؤلاء الإصلاحيون) والتي اعتبر بعض ما ورد فيها الكثير من الشخصيات الأردنية المعارضة إساءة كبرى, كما زاد من تفاقم الوضع تسريبات ويكيليكس التي تمت ترجمتها ونشرها بانتقائية ملفتة للنظر والتي تتحدث عن حوارات ما بين مسؤولين أردنيين بارزين من أصول فلسطينية ومسؤولين أمريكيين والتي دار جلّها حول الحقوق السياسية المهضومة للعنصر الفلسطيني في الحياة السياسية الأردنية. كذلك الأمر حول طلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية الجديدة وما يتأتى عليه من ضياع لحقوق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الأردن.

ترتبط مسألة تعريف الهوية الوطنية بشكل جذري بمسألة كبرى أخرى وهي دسترة فك الإرتباط مع الضفة الغربية, كان خطاب فك الإرتباط الذي ألقاه الملك حسين واضحاً جدا: فك الإرتباط لا يعني بأي حال خسارة الأردنيين من أصول فلسطينية ويعيشون على أرض المملكة لحقوقهم ومواطنتهم. لكن العقدة في هذه المسألة كون هذا القرار لم يأت لحد الآن مدعما بقانون أو دستور بل هو في حد ذاته مناقض للدستور الذي ينص على أن المملكة لا ينزل عن ملكها شئ ولم يعد عن كونه قرارا ملكيا لم يدعم لاحقا بتشريع. حالات سحب الجنسية من بعض المواطنين الأردنيين والتي أثارت كثيرا من الجدل حول قانونيتها وربطها بقرار فك الإرتباط  سحبت الإضواء من حالات التجنيس التي تثير الكثير من اللغط حولها وعن كونها مرحلة أخرى لثتبيت حل الوطن البديل. ترك هذا الموضوع بدون تعريف ذو مصداقية فتح المجال للكل للتأويل. الجنرال علي الحباشنة يعتبر ممن وصفوا بقيادات الليكود الشرقي يرى أن الأردنيين هم فقط من بايع الملك عبدالله الأول عام 1921 ولا يحق لغيرهم الكلام، ناهض حتر السياسي والكاتب الأردني المعروف يرى في كل من وجد قبل فك الإرتباط على أراضي الضفة الشرقية هو أردني له كامل الحقوق والواجبات، الإخوان المسلمون وتداخلهم مع حركات الداخل الفلسطيني من منطلق ايدولوجي يرفضون الفصل بين ضفتي النهر ولا زالت علامات التداخل في نقابة المهندسين بين أبناء الضفتين شاهدا على هذا التشوه البيروقراطي في رسم حدود الوطن والمواطنة.

الثقب الأسود، هي ما وُصِفت به الحالة الداخلية الأردنية متمثلةً بعدم ترسيم العلاقات الداخلية وتعريف العلاقة الأردنية-الفلسطينية في شقها الإقليمي. فترك الأمور معلقةً والانقضاض على أي صوت يدعو إلى فك الاشتباك في الهوية هي الوصف الأمثل لما يجري عند طرح تعريف الهوية الاردنية. ففي النسخة الأخيرة من نقاشات علامة المربع التي أدارها موقع حبر طرحت السؤال وكغيري لم أجد إجابة على ما سألت لكن شد انتباهي رد النائبة عبلة أبو علبة حول الموضوع وترديد الحضور لما قالت عندما صبغت أي دعوة تحديد الهوية الاردنية بالإقليمية وكون هذه القضية إنسانية بحتة وتسييسها عبارة عن قنبلة موقوتة. لماذا كل هذا الخوف من هذه الدعوة وهل سنكون أكثر سروراً عندما يدفع الإسرائيلي وبكل قوة تجاه شطب القضية الفلسطينية برمتها على حساب الأردن؟ أذكر حجة إسرائيلية انتزعت المعنى التضامني من مقولة للملك عبدالله الأول عندما قال بأن "الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن" ووصفتها بأنها الدليل على شرعية الدعوة لترحيل الفلسطينيين نحو "بلدهم" في ضفة النهر الشرقية فإذا كان إقتباسٌ بهذا الوضوح تم تحويله بهذا الصورة البشعة فما بالنا بكل ما نكتب ونناقش به ويسجل علينا؟ نحن أصحاب قضية عادلة بامتياز لكن عدم توثيق هويتنا الوطنية والأخذ بالمسلمات كحجج شفهية يدفع بنا نحو خسارة ما كل نملك الآن وفرض تصفيات لا يمكن وصفها إلا بكونها الكابوس الأكثر ظلاماً والذي ندفع حاليّا كلنا باتجاهه.

Thursday, October 6, 2011

How Social Media Can Help Destabilizing Jordanian Society…



None of the wikileaks have probably created a fracas as intense as the one they created in Jordan. And of all the cables leaked from the American embassy in Amman none has created such an uproar as the one entitled “The Right of Return: What it Means for Jordan”. This has to do not only with the extremely sensitive nature of the topic the cable is discussing but also with the fact that it describes in detail meetings between American officials and top level Jordanian officials of Palestinian origin. These officials – crossing what King Abdullah II of Jordan later described as “The Red Line” – discussed the share Jordanians with Palestinian roots should have in the political life of the country. The Americans – as always – divided Jordanians into “East Bankers” (native Jordanians) and “West Bankers” (Palestinians who fled to Jordan during the Arab Israeli conflict). The scary thing is that criticism of the current status quo in Jordan comes from the top class of  Palestinian Jordanian officials and the political elite that has been part of the regime and does not tally with their stated attitude toward various topics related to the Palestinian presence in Jordan and the country’s relations with Israel. Naseem Tarawneh, a Jordanian Blogger, discusses the cable and its consequences in this article.


The problem in Jordan is that it is now home to many, many “minorities” created by refugees who came to it to escape from political and military conflicts not only in the Arab World but also in Europe and Africa. Palestinians now account for 2.5 million people or more than half of the population, and in the absence of any clear solution for the Palestinian case over the past 60 years of conflict, Palestinians may now reconsider their status in Jordan and the impact they have on the political game in this country. This particular case gives native Jordanians serious concerns about the role they play in their own country since they are now in the clear minority, and many of them are already calling themselves “Red Indians” in plain reference to what happened to the native inhabitants of North America. But in spite of the fact that they are fewer in numbers, Jordanians still retain their hold on power as they control most of the civil jobs, security apparatus and the armed forces.

Since social media tools, cell phones and local news websites have spread across the whole of Jordan and now reach almost every household, discussions between different groups have started to take a very aggressive and in some cases violent turn. Before the Arab Spring most of the violence occurred between tribes around the kingdom as some regular everyday incident was magnified until it reached the level of an exchange of gunfire between tribes and families -  all of which of course was covered 24/7 by web-based media. Tribal loyalty began to pose a major threat to the state and the social fabric as clashes between tribes became so frequent and turned into skirmishes that the security forces struggled to control. Jordanians still recall the domestic unrest in Ajloun back in 2009 that lasted for almost a month before it was contained by the security forces and a few army units. Even though this was  a totally different kind of unrest to what neighbouring Syria is now witnessing, the strategy of fear deployed by the security forces was completely ineffective when faced with a fearless, angry and frustrated generation that could barely see any light at the end of the tunnel.

Twitter hashtags, Facebook pages and local websites and forums turned into forums of fierce debate between different groups of Jordanians – mostly youth – during the Jordanian version of the Arab Spring in which every group used them to market its own ideas, attack opponents and even gather people together to protest. Freedom in cyberspace became a tool with which Jordanians could express their opinions on various topics, including some that were considered taboo subjects to be avoided in regular conversation on account of their sensitivity and the possible “legal” consequences for anyone trying to initiate them. Comments on Facebook and comments on articles showed what a huge gap there was between daily pragmatic conversations between Jordanians and the – sometimes scary – ideas and attitudes they held about one another. During the late reform movement last March, the social media played a huge rule on both sides of the game: the reformist and the “loyalist” with allegiance to the status quo. Each side succeeded in using social media to spread its ideas and gather supporters. E-debates spread like wild fire, and with the internet reached almost 40% of Jordanian households. Over 1.6 million Jordanians are on Facebook, almost every one took part in the debates and the cracks between different sectors of society started to widen. You can even find the same cracks running deep between members of the same family who hold different political opinions.

Going back to Wikileaks, Toujan Faisal, an iconic reform politician and a former MP gave her particular take on the latest leaked cables when she said: “the leaked cables created a shock among the popular bases that did not create a mature relation with digital information technology on the one hand while on the other what has been translated into Arabic and published from these documents has been an eclectic reading in terms of the topic and sometimes even in terms of the translation itself“. All of what has been mentioned above may well represent one of the consequences of social media. As a friend of mine put it, in a time when every person should have an opinion, social media has given every person a voice – and this is not necessarily a good thing as the case of Jordan has shown.