Thursday, December 13, 2012

المطلوب ... يسار ملكي

بداية لا بد أن أقول أن لا يوجد أي خطأ في فكرة اللقاء مع الملك، كنت سعيدا عندما علمت بخبر اللقاء، لكن حقيقة ما تسرب من تفاصيل اللقاء أثار في نفسي مشاعر مختلفة من القلق تارة والسخرية تارة والقليل القليل من التفاؤل.

اللقاء كان يغلب على حضوره من جانب الحراك اللون اليساري، لكن حقيقة تفاجأت بحضور شخصية من شاكلة ناهض حتر. ناهض حتر ليس من ناشطي الحراك في المملكة بقدر ما هو جزء من نسيج القيادات السياسية المهترئة وصاحب طرح مصيب في نواح لكن مخيف وعنصري في نواح كثيرة أخرى.

من المعروف عن جلالة الملك نفوره الشديد من تيارات ما يعرف بالـ"إسلام السياسي"، وحالة الشد شبه الدائم يتخللها بعض الجذب مع التيار الأكبر داخل المملكة "الإخوان المسلمون" يبدو أنها وصلت طريقا مسدودا. كانت هناك الكثير من الدعوات المطالبة بخروج تيار ثالث يكسر ثنائية الدولة والإخوان وعلى ما يبدو وفي أعقاب توابع هبة تشرين يبدو أن نظام الدولة الأردنية أخذ على عاتقه بلورة نواة لهذا التيار بما يخدم مصالحه. يبدو أن المطلوب حاليا هو إيصال أي وجه من وجوه الحراك إلى البرلمان القادم حتى يقال وبالفم العريض أن البرلمان مكون لكل أطياف المجتمع الأردني.

لا أعتقد أن جلالة الملك جلس مع أي مسؤول أردني أو أجنبي نفس المدة التي قضاها في هذا اللقاء مع ناشطي الحراك. ما تسرب من أنباء عن اللقاء يفيد بمستوى جديد من المصارحة وهذا جميل جدا، لكن الغالب من الملك كان الاستماع. الملك يبدو أنه نجح في دغدغة عواطف ناهض بعدة مواضيع أهمها سوريا، من البدهيات أن موقف الأردن المحايد من سوريا والرافض لاشتراكه بأي عمل عسكري لا يأتي من اعتبارات قومية بالمطلق بل كونها حصسبة مصالح وقدرات لا أكثر ولا أقل. لنتذكر كلنا أن أي لقاء لا يجب أن يأخذ طابع جلسة علاج وفضفضة بقدر ما يجب أن يكون رسما لخطوات واضحة على طريق بيّن. لكن لا بد لي من القول أن كلام الملك مستغربا وجود شباب معتقل على خلفية سياسية وإصداره أوامره "حكيت للشباب يطلعوهم" علما أن محكمة أمن الدولة تماطل بإخراج ناشطي الحراك يحعلني حقيقة أتساءل.. من يحكم البلد حقّاَ؟

النفس الساذج جدا الذي خرج به  علينا عبر الصحافة ثلاثي اليسار الأردني المقدس (موفق محادين وسعود القبيلات وناهض حتر) يعطي صورة حقيقة لمعضلة الجيل -جيل الهزيمة كما أحب أن أسميه-. الكرنفالية التي احتفل بها هذا الثلاثي تشرح لنا بوضوح أن هم الكثير من عجائز السياسية في الأردن ليس إخراج البلد من عنق الزجاجة بقدر ما هو إخراج لأنفسهم من رطوبة المقار الحزبية إلى شمس "الرابع". 

ناهض حتّر كتب عقب اللقاء مقال (الملك: أنا يساري) ... حقيقة أكتفي بما رد فيه أدهم غرايبة الناشط اليساري الشاب وأحد حاضري اللقاء قائلا:
" في اللقاء قال لنا الملك " أنه يساري " !
كيف يمكننا إذا أن نفسر حملات الخصخصة التي داهمت ثرواتنا الوطنية و مؤسساتنا العامة و تركتنا في مواجهة صقيع إفلاس الدولة و خواء ميزانيتها العامة ؟
لو كان الملك يساريا لما أهتز القطاع العام و لا تراجعت مستويات الصحة و التعليم و الخدمات البلدية و لما أنقرضت الزراعة , أو تكاد , في بلدنا !"

عقب كل أزمة تمر على الأردن وبلادنا العربية لا يمكنني إلا أن أزداد اقتناعا أن مشكلتنا في جزء كبير منها تتلخص في عقليات أحفورية لا زالت تقامر بمستقبلنا. كلّي أمل أن لا يقبل شباب اليسار أن يتحولوا إلى بيادق في يد هذا أو ذاك على طاولة القمار السياسي في بلدنا المتعب.
"
يساري ضد اليمين و يميني ضد اليسار و سلفي ضد العلمانيين وعلماني ضد السلفيين"

Sunday, December 2, 2012

تدوينة للحريّة

عزيزي من تقرأ هذا المقال:
أود أن أحيطك علما أن هنالك 97 أخ وأخت لك تم تحويلهم لمحكمة أمن الدولة فقط لأنهم طلبوا حقك في لقمة العيش الكريمة ..
أعرف تماما أن الأمر لا يعنيك، وأنك على الأغلب ستقول الله لا يقيمهم، ما طلبت من حد يحكي عني، وغيره الكثير مما يفيض بنا من أنانية. ربما على الأغلب أن فيلم السهرة اليوم يعني لك أكثر بكثير مما يعنوا لك.
لكن أعرف تماما أنك تشحد الملح بعد منتصف الشهر، ولا تعرف ماذا يخبئ لك الغد، وأنك ربما لا تمون حتى على ما يساوي قسط سيارتك وبنزينها أو حتى مصروفك الشخصي. ربما أنت أيضا بلا عمل ..
أريدك فقط أن تقرأ هذا ..لتشعر بقليل من القرف من نفسك..أنا لست متعاطفا معك..أنا أشعر بالشفقة عليك..وأشعر بالفخر بهم..
لكن اعرف..أن الدنيا مواقف..والشرف ربما تختصره كلمة واحدة مما هتف بها هؤلاء الشباب...عندما اخترت أنت الصمت..
أنت بحاجة لهم أكثر مما هم بحاجة لك ...
شكرا لك..لا نحتاج تضامنك..
ندوّن للحرية:
الحرية لمعتقلي الرأي !
 

Wednesday, November 28, 2012

بنج موضعي


ضحكت طويلا عندما قرأت مقال النيويورك تايمز عن أزمة هبة تشرين في الأردن، الأمريكان حقيقة يعرفون كيف يقرأون الشارع وقت الأزمات، كيف يجيرون ما يحدث فيه لمصلحتهم...بل حتى كيف يزردعون أفكارا لا تخطر على بال الجن الأزرق.

خلال الهبة وكعادتي في محبة معايشة الحدث، شاركت في المسيرات التي كانت تحدث في عمان  وبالتحديد في جبل الحسين، دائما كان يفرقنا الدرك لنتجه نحو المخيم هربا من الاعتقال ولملمةً للصفوف. يوم الخميس قرر الشباب التوجه نحو بوابة الديوان الملكي من طريق شارع الأردن. كالعادة مضيت مع الجماعة التي استمرت تكبر وتكبر خلال المسير بين البيوت الفقيرة المنتشرة على عتبات القصر. طوال الطريق وطيلة أيام الهبة لم أسمع شخصيا أي هتاف للأمير حمزة ولم أشعر بأي توجه نحو الأمير كأمل قادم، حتى هتاف إسقاط النظام لو حللناه بما يتفق مع سايكولوجيا الجماهير لوجدنا بكل بساطة أن ما يُراد حقّا اسقاطه هو "نهج" أكثر من كونه "عرش".

المقال الصادم من النيويورك تايمز كان بمثابة قمة التشويه وتلبيس الحقائق لما يدور فعليا في الشارع، ويعطي مؤشرا خطيرا لخطة "ب" يتم تحضيرها خارجيا للتنفيذ أردنيا في حال ساءت الأمور. زاد على كل هذا سوءا مقال القدس العربي الذي تحدث فيه عن رسائل تطمينية من جماعة الاخوان المسلمين إلى الملكة رانيا حول مؤسسة ولاية العهد. أعتقد أن كل قصة الرسائل هي محض افتراء ومحاولة أخرى لزرع فكرة إشكالية ولاية العهد وخلق صراع على الفراغ بين الفئات السياسية الأردنية وشق ثوب المعارضة المهترئ أصلا.

عبر تاريخ المملكة ومنذ استلام الهاشميين للسلطة، لم يبدأ أي ملك عهده بشعبية واسعة ربما نستثني من هذا الملك طلال الذي كان مرغوبا من قبل الجماهير لمواقفه المناهضة للاستعمار والداعمة للقضايا العربية. باقي الملوك اكتسبوا شعبيتهم بمرور الوقت،  لم يكن الأردنيون يعرفون ملكهم الحالي وهو أمير ولم يكن له معشار الشعبية والاحترام الذي يكنه الأردنيون لشخصية من شاكلة الأمير الحسن بن طلال، ولكنّ الأردنيين نقلوا عادة الحب بعد الزواج من نطاق الزوجية إلى نطاق علاقة الحاكم والمحكوم، ولم تشكل هوية الحاكم لهم أي إشكال، ربما يشعرون بين الحين والآخر أن "س" ربما يكون أصلح من "ص" لكنهم وبعادتهم يفضلون ال"ستيرة" ومعايشة الواقع.

مرحلة ازدراع الأفكار هو ما يمكنني توصيفه للحالة الراهنة، ربما تكون مقالة النيويورك تايمز من التأثير على صناع القرار الأمريكيين بما يفوق كل ما تمت كتابته منذ بداية الربيع العربي بما يخص الشأن الأردني، بل حتى أن هذه المقالة ربما قامت بما لم تقم به الكثير من المظاهرات الكبرى حول المملكة. زرع فكرة الحل البديل عن طريق تبديل الأسماء هو حل لا يبتعد كثيرا عن العقلية الأمريكية في الإبقاء على المملكة بدورها الوظيفي والاحتفاظ بالأردن في الجعبة الأمريكية وتخدير الوضع الداخلي لسنوات طويلة قادمة أملا في "الجديد القادم".

بغض النظر عن ما هو قادم، ما سقط فعليا في عيون الناس هو نهج القيادة والكوارث التي جلبتها للبلد، -النهج- وليس الشخص هو ما يجب تغييره، التعدي على شؤون الأردن الداخلية لا يمكنني قبوله من أي كان، والارتهان للخارجي الذي أفقدنا جل شعورنا القومي وانتماءنا للمحيط العربي والإسلامي لا يمكن القبول بعلاجه عن طريق حلّ خارجي مهما كانت المبررات، عقد اجتماعي جديد نحفظ فيه حقوقنا ونرسم "للجميع" حدوده ونوضح فيه بكل صراحة أن "من يحكم يُسأل".
مشاكلنا نحلها بأيدينا...لسنا بحاجة إلى الأجنبي..ومتى دخل الأجنبي دخلت الفتنة. 

Friday, November 16, 2012

في قلب العاصفة

النظام ...
شعور غريب، هل كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد؟ لماذا؟ هل هم وهو بهذه الدرجة من الغباء؟ كل هذا كان يدور في خَلَدي وأنا بين الشباب الغاضب المخنوق من الوضع القائم والغاز المسيل للدموع في جبل الحسين بعد دفعنا من قبل قوات الدرك من مشارف دوار الداخلية يوم الخميس الأربعاء الماضي ... "يسقط يسقط عبدالله" كانت تدوي بين البنايات بشكل مخيف ... أحيانا أستشعر بعمق أنه وللحظات الدولة بنظام حكمها هو المؤجج الرئيس للشارع...لم تفلح محاولات الحراكات والأحزاب في تأليب الشارع كما نجحت به منظومة الحكم في هذا البلد ..غالب  الوجوه لا أعرفها متوسط الأعمار لا يتجاوز الخمسة والعشرين عاما .. غضب شديد وخوف اشد من مسقبل غامض ينتظرنا ...

لم أكن قط مع كل الهتاف المنادي باسقاط النظام ... الكثير شعرت برغبته الشديدة في ترديده من باب النكاية أحيانا أو التقليد في الأغلب  قليل جدا هم اولئك المؤمنون به حقا... لكن الهتاف ضد الملك عبدالله الثاني كان يأتي من الصميم... الشعور العارم الخيانة والابتسامات من نوافذ البيوت عند التذكير بما يشاع عن الملك من مثالب تعطي الكثير من المعاني عن الوعي المخفي لدى الكثير من الأردنيين عمّا يحصل حقا خلف أبواب القصر ... برغم الكثير من قناعاتي اخترت أن لا أهتف بإسقاط الملك... مراقبة المشهد العام بالنسبة لي تحتاج الكثير من التركيز الذي كنت بالكاد أحافظ عليه وسط الغاز والجري أمام الدرك والهروب من حافلة الاعتقال ...

من باب ال"تخبيص"القول بأن الشارع يريد اسقاط النظام..الشارع يريد لقمة العيش الكريمة..الشارع لم يابه بكل المناكفة والانحدار السياسي خلال عامين لكنه اهتز وبقوة جرّاء ما يجري على مائدة الطعام التي تصغر باستمرار...ومن باب المراهقة كل هذا التركيز على هتافات اسقاط الوضع السياسي القائم التي تنفر غالب الناس وتدفع بهم للابتعاد عما يجري بدلا من جذبهم عبر الهتاف المنادي بلقمة العيش الكريمة...

الدم ...
الغضب العارم التي اجتاح البلد مساء يوم الثلاثاء نتيجة لرفع أسعار المحروقات لم اشاهده قط..الرغبة في عقاب المسؤول عن هذا المآل كان الغالب...يوم الأربعاء انفجر الشارع بالكامل..المضحك المبكي المؤلم أن مناطق العشائر حول الممكلة هي من شهدت بشكل أو بآخر "العنف" وال"تخريب" ... دولة زرعت الفرقة وأججت الولاءات العشائرية منذ عام 1999 من قمة الغباء أن لا ترى أن الدم سيأتي من حيث تكون الثقافة الوطنية في أدنى مستوى مقارنة بالشعور الوطني العام عدى عن المدسوسين من قبل الأجهزة الأمنية الذين سأتكلم عنهم لاحقا ...في المقابل حافظت عمان واربد على نهج الاحتجاج السلمي بالرغم من كل الاعتقال والقمع .. الزرقاء دخلت على خط الاحتجاج في مؤشر خطير جدا على خسارة الطبقة الوسطى التي تمثل مثاليتها في الأردن ..

خبر مقتل أول شباب البلد ليل الاربعاء شكّل كارثة بالنسبة لي ... لحقه بدقائق خبر اصابة أحد أفراد قوات الدرك بالرصاص في منطقة عشائرية ..الدم في مجتمع مثل مجتمعنا لا يمكن احتماله ... طبعا الرواية الرسمية لمقتل الشاب أثناء اقتحامه بالسلاح لمركز أمني بالنسبة لي هي نموذج للهراء الرسمي ... وفي مجتمع مثل مجتمعنا وكما عهدنا من تصريحات السلطة فهي آخر ما يمكن الوثوق به حتى بما يتعلق بحالة الطقس ...

التدليس...
لا يمكنني أن أتوقع من جهاز أمن يتربع على رأسه شخص مثل حسين المجالي إلا ما رأيته وسمعته..شخص بعنجهية المجالي وتاريخه المتواصل من الأردن للبحرين في خلق مؤسسات الخوف تجعل كل ما يتفوه به متوقع تماما ... الكذب هو كلمة لطيفة جدا لوصف التصريحات التي خرج علينا بها جهاز الأمن العام والتدليس ربما تكون أكثر مناسبة لما يحدث ...

وصف كل حالة شغب بأنها منسوبة لناشطي الحراك السياسي هو قمة الدناءة...لماذا كانت الحالة السلمية الكاملة من التحرك الشعبي خلال الأيام الأربعة الماضية متركزة في المناطق التي شهدت نشاطات الحراك خلال السنتين الماضييتين؟ لماذا يتركز العنف في المناطق العشائرية؟ لماذا تجد في نفس المنطقة احتجاجا سلميا يرافقه على مسافة قريبة مجموعة تقوم بالنهب والتخريب والإحراق؟ لماذا تم اغفال مجموعات الزعران التي تهجمت على الاعتصامات السلمية في اربد بالسلاح الأبيض بعد فشل الدرك في فض الاعتصام السلمي في ميدات وصفي التل بإربد؟ 

مجتمع تحرك بكل ما فيه من جمال وقبح ... رزان وهيجان...يتوقع منه كل شئ بعد افراغ الجيوب المثقوبة اصلا، لكن ميليشات الروؤس الكبار التي رأيناها في أكثر من مناسبة خلال سنوات قبل ابتداء الحراك الشعبي واثناءه لم يتم حتى التلميح لها ... الكل يعلم أنه في أوقات الأزمة تنشط المجموعات الإجرامية...لكن وكعادة أنظمتنا العربية التي تشترك بنفس مشيمة السقوط الأخلاقي يتم وصف كل مجرم بأنه حراكي ...

في الداخلية وبعد دفعنا من قوات الدرك نحو الحسيني وتحت وطأة القمع الغير مبرر والغاز الذي خنق الجميع، بدأ بعض الشباب برمي الحجارة، طبعا تم الضرب على أيديهم ولكن ليس من قبل الدرك ولكن من قبل بقية العاقلين داخل التظاهرة ... مشاهد مشرفة تكررت تجاه بعض "الغرباء" الذين حاولوا اما خلع عمود من الرصيف أو اتلاف شجرة  ... اعتقد ان القمع الذي تلقوه من جانب المتظاهرين كان على وشك أن يقارب مستوى القمع الذي شهدناه من قوات الدرك الا أنه كان ينقصنا الغاز ... لماذا لم تتعرض أي سيارة للتخريب؟ لماذا لم يتم كسر نوافذ أي محل علما أنها كانت كلها مفتوحة ذلك الوقت؟ البارحة وفي شارع الأردن دورية شرطة دخلت من منتصف التظاهرة ولم يتم التعرض لها ولو بكلمة ... ألا يدعو ذلك للفخر والذكرأكثر من حالات التخريب ذات المنبت المشكوك بأصله ...

أين الملك؟
في عين الإعصار..وفي ظل أسوأ أزمة يتلقاها الأردن خلال فترة حكمه... يختفي الملك...أنا اؤمن أن الأردن مر بظروف أصعب على العائلة الحاكمة مما يحدث اليوم..اتساءل عن شعوره وهو يسمع اسمه يتردد على جدران عمان وجدران ديوانه بصورة مخالفة لما عهده خلال عهده الميمون..... الملك لم أرغب بلقاءه إلا مرة واحدة  قبل شهور...اليوم أتمنى لقاءه لأسمع منه وأحكي له الكثير...لكن الأغلب أن ما ساقوله لن يعجبه.

Monday, November 5, 2012

الزينكو

الواح الزينكو مظهر شديد الارتباط بالبيت الأردني البسيط وعموم البيوت العربية الفقيرة..هو سقف المساكين وغطاؤهم من دموع السماء وتورّد خدود الشمس..هو آخر خط دفاعي للسترة من الغريب .. هو ذلك الفرد من العائلة الذي قد يزعج البقية بعليّ صوته -حين الكرب- لكنهم يعذرونه فهو على ما يبدو يقوم بالمهمة على أكمل وجه ولا يعبئ بتذمر هذا أو تلك... يعينه على الوقوف في مكانه قليل من اللحام وفي بعض الأحيان قطع من "بلوك البناء" الموزع بعشوائية على سطحه الخارجي

المطر جميل خصوصا عندما يأتي على غفلة...الزينكو جهاز الانذار المبكر "لست اليت" لحماية الغسيل من البلل..وبشرى أمل ل"بير الدار" بتعبئة مجانية سماوية تبث شيئا من الرطوبة في شرايين العطشى .. وخطوط الماء المتسربة من حوافّه تصنع "برداية" من اللؤلؤ على باب الحوش ...

هنالك ما يعرف بال"مضخمات" في الأجهزة الكهربائية...مضخمات صوتية ومضخمات إشارة وغيرها..بالنسبة لي الزينكو هو "مضخّم الأمل" الخاص جدا..حقيقة منذ طفولتي كنا نتقافز على الشبابيك عندما نسمع تلك الموسيقى التي تبدأ بالانهمار من لوح الزينكو في حوش الجيران..منظر المطر في مدينة جافّة مثل الزرقاء هو مدعاة للاحتفال...كان الصوت عاليا في بعض الأحيان فنتخيل أن الدنيا "مزاريب" لكن نتفاجئ أن الحقيقة أن لوح الزينكو ضخّم صوت المطر بطريقة مخالفة حقيقة الواقع يصيب البعض الإحباط لكني مسرور بالمجمل ..شوية أمل ما بتضر..

موسيقى قرع المطر تتوافق بشكل غريب مع ما يجول في خَلَد الشخص..تسمعه في بعض الأحيان حزينا وأخرى متذمرا .. أحيانا كلحن رومانسي وأحيانا أخرى كقرع طبول الحرب..

البارحة عند منتصف الليل أطفأت الحاسوب وجلست أستمع إلى القرع الغائب منذ زمن على شرفة البيت...أطفأت الأضواء..خرجت قليلا لأبتل..عدت إلى فراشي وكان أصوات جميلة ترنّ في رأسي قائلة
أمل ... أمل ... أمل

المشكلة أن "صاحب عمارة" أزال طوب البناء من فوق البلوك وأنا أخشى جدا من الريح القادمة أن تذهب بالزينكو وتذهب بنا معه ...

Saturday, September 22, 2012

طريق المطار




­­­طريق المطار...


رائحة السجائر التي تعبق بالمكان تملئ نفسه برغبة عارمة على الاستفراغ...كل شئ يدفع بي للهروب خارجا...لكن المخيف حقا كانت تلك العتمة المطلقة في نهاية البهو...قضبان من حديد رمادي تكاد تكون خفية في ذلك الظلام...رعب عميق تسرب من عيون سرب المكبلين إلى روح ذلك الصبي ابن الثمانية أعوام أثناء مسيرهم نحو ذلك الثقب الأسود المُغرِق في الشر...الصفعة التي هبطت على رقبة أحدهم من يد شرطي أحسست بوجعها في صدري على الأغلب قبل وصولها إلى هدفها المكشوف تماما...عشرات الندوب وآثار السكاكين على وجه وجسم الموقوف الدالّة على حياة في غاية الدناءة لم تشفع للشرطي صنيعه...كانت تلك المشاهدة الأولى لنظارة المحكمة في واحدة من المرات القليلة التي رافقت فيها والدي إلى عمله..

تجربتي مع الـ"بعث" ربما ليست شخصية بالوجه المباشر .. لكن كانت من القرب بما يكفي لأعدل عن أي فكرة للتوجه لسوريا ولو لزيارة ...

عمّي اسمه بشار للمفارقة البائسة ... أمضى 3 سنوات في جامعة دمشق كلية الحقوق متبعا سياسة الحيط الحيط ويا رب الستر تلاحقه قصص الطلاب الذين اختفوا في نهاية السبعينات من حرم الجامعة ولم يظهر لهم أثر .....  كان على وشك التخرج لولا أن استيقظ صباحا على فوهة كلاشنيكوف الأمن السياسي المصوبة تجاه رأسه خلال مداهمة للشقة التي كان يسكن فيها لا لسبب واضح حتى الان ... المهم أنه كان متوجها إلى عمان صبيحة اليوم التالي في أول سيارة سفريات ماسحا مستقبلا كاملا كان بانتظاره كخريج واحدة من أعتى كليات الحقوق في أرض الضاد ...

أبي خريج بيروت...أمضى جلّ دراسته أثناء الحرب الأهلية هناك...نحن نأتي من عائلة مؤمنة بسيطة .. ليست بالمتدينة مطلقا ولكن أبي أكد لي أنه تيقن من وجود الله مرتين..واحدة في بيروت عندما أخطأته رصاصة قناص استهدفت رأسه في قصه شرحها يطول..الثانية كانت على حدود دولة النظام الممانع أثناء عودته من بيروت بعد تأديته آخر امتحان في مسيرته الجامعية المؤلمة... كان ذلك بعد شهرين مباشرة من مجزرة حماة..الجريمة التي ارتكبها أبي كانت حَمْلهُ لمقرر "أحكام الأسرة في الإسلام" في حقيبة الملابس..ومناداته للعسكري بـ"يا أخي" اثناء النقاش حول سبب وجود الكتاب معه..كان ذلك كافيا لاتهام وإدانة أبي بالانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين..أبي كان سيكون الإخونجي الذي لم يصل لله ركعة في ذلك الوقت...تم تجهيزه لمرحلة التعذيب الأولي في المخفر الحدودي..الدولاب كان سيكون الوجبة الأولى..في لحظة يظهر ضابطٌ مشرقُ الوجهِ حسنُ الثيابِ هادئُ الصوتِ والهندامُ على غير عادةِ "حفرتلية" العسكر على الحدود..صفات ملائكية باختصار...أمَرَ باختصارٍ أن يطلق سراح أبي فورا..بعد أن كانت الجيب العسكرية تنتظر الأوامر لنقله إلى سجن في الطريق المتوجهة شرقا...إعداداً لتدمر...أبي منذ تلك اللحظة يؤمن بالله جدا...

ابن عمي .. اختفى ثماني سنوات بعد الاشتباه بكونه عنصرا للمخابرات الأردنية ... لم نعرف شيئا عنه حتى ظهر فجأة بعد العفو العام الذي أُصدر عندما تسلم "مقصوف الرقبة" رقبة الشعب المقهور ...وما زالت تجربة السجن تلاحقه في أحلامه على ما سمعت...

بالخلاص يا شباب أثارت في الكثير .. عن السجن والسجن الأكبر .. بالنسبة لي لم أدخل المخفر إلا مرتين في حياتي..مرة عندما أضعت هويتي والثانية عندما نجوت من حادث سير كاد يودي بحياتي لولا لطف الله ... هذه الأيام يبدو السجن أقرب وأقرب..أنا أعرف أن سجوننا هي عبارة عن فنادق من ذوات الخمس نجوم مقارنة بسجون جيراننا شمالا..لكن فكرة حبسي في مكان واحد وأنا "النيراني" الذي لا أطيق الجلوس في مكان واحد لبضع دقائق تدفعني نحو هاوية معنوية..لكن أحيانا أستطيع أن أرى في السجن الحقيقة الوحيدة في مجموع ال"تشذب" ومخلوطة الهراء "اكسترا" التي تحيط بنا..هو الزبدة وأصنص الحقيقة المجردة من مكياج رخيص يزين وجنتي الغول وأحمر شفاه يخفي نيوباً مستعدة لاقتطاع لحمنا بلا أي لحظة تردد...يقال أن يوسف الصدّيق كتب على باب السجن يوم أن خرج منه: هذا قبر الأحياء.

صديقي عبدالله محادين تم اعتقاله مؤخرا بتهمة أمنية كبرى قبل حفل خطوبته ببضعة أيام...مخطوبته هي أيضا من الحراك الشعبي ولعل ما يصبّرها على المصيبة أنها تعرف عبدالله تماما وتشاركه الهم الأكبر... لو كانت خطوبة عادية ما ظننت لها أن تستمر...فكرة ضياع سنوات خلف القضبان مرعبة جدا...ليست فقط للسجين ولكن لكل من يشاركه حياته.. هو قبر جماعي أكثر منه سجناً...ربما لهذا أحاول أن أدفع قدر الأمكان أي فكرة بالارتباط ما استطعت...على القليل حتى "يبان تاليها... 

طريق المطار تثير فيَّ الكثير من الشجون..قبل ثماني سنوات سافرت إلى الغرب، كانت طريق المطار بالنسبة لي درب الأحلام، كل محطة على الطريق كانت تمثل إشارة اقتراب نحو الأمل..مرج الحمام-جسر ناعور-المنتزه القومي، أما جسر مادبا كان بمثابة لحظة الحقيقة التي أعلن فيها كفري بكل ما ورائي...سافرت..بعد أيام قليلة عدت مضطرا..لكن ما أن وطئت المطار حتى قمت بما لم أتخيل القيام به مطلقا ... قبلت الأرض ... وقبلت الحارس الواقف على باب الطائرة .. أعلنت التوبة وتصالحت مع أرضي ...

صرت أكره طريق المطار..كلما غادر لي صديق أو ودّعتُ أخاً أحسست بشرايين قلبي تنتزع من مكانها مع اقلاع الطائرة...والصراخ داخلي أعلي بكثير من هدير محركها النفاث... لماذا نخسر كل هؤلاء؟

اليوم...وفي ظل كل ما أرى...صِرت أنظر إلى طريق المطار نظر المغشي عليه...الظاهر هو القدر المحتوم عليّ..عاجلا أم آجلا...ولا أدري إلى أين سيكون المفر -ان استطعت طبعا-! دبي؟جدة؟فانكوفر؟ ميونخ... الجويدة أم مقبرة الهاشمية؟؟ ربما وربما ولا أدري لكن المشكلة أن سجني الكبير يضيق شيئا فشيئا ولا أعلم إلى متى سأبقى واقفا ...

ما بين سوريا ... والبلد هنا .. قيد يثقل رقبتي ... وكلما أدرك أن ما يمكنني عمله لا يعدو عن كلمات أرميها هنا وهناك أُغرق في كآبتي .. وتقتلني كلمات أسمعها من البعض.."شو لازم نعمل لسوريا" ؟؟

قَصُّ الضفائر كانت وسيلة احتجاج قصوى عند نسائنا... لو كنت فتاة لقصصت جديلة شعري ووزعتها على كل المارين في شارع الجامعة أو على طريق الرمثا ليسشتعروا رجولتهم ... بالنسبة لي كـ"شاب" لا أجد ما أقدمه سوى بطانيات وثياب تغطي العريّ الذي أحس به أمام أي لاجئ ... حقيقة لا يسعني إلا أن أعتكف في زاوية البيت ...و أنتحب

          خاطرة كُتبت بعد قراءة "بالخلاص يا شباب" لياسين الحاج صالح

Tuesday, August 28, 2012

حريانت!!


…. …. الحكومة الأردنية تقفز من فرض الأحكام العرفية على الأرض لفرضها على العالم الافتراضي لذلك نرفض وسنرفض أي محاولة رقابية على الانترنت وملاحقة المدونين والمواقع الالكترونية

Tuesday, February 21, 2012

قلمُ أحرًّ أمضى من سكينِ عبد

 تضامنا مع المدونة الأردنية إيناس مسلم ..أعيد تدوين المقال الذي كتبته على مدونتها خُرّافة قلم والذي أدّى لتعرضها للتهديد والطعن في بطنها على يد شرذمة من شراذم زعران وسحيجة وطننا الحبيب المظلوم ..... المقالة تعبر عن رأي كاتبتها ولكن دمها هو دم جميع أحرار الأردن والعرب 
  
عاش الأردن ... ليخسأ الزعران 





تي نخل تي نخل
تي نخل تي نخل

كل من شاهد لقاء سمو الأمير حسن على التلفزيون الأردني استنكر أقواله، واستنكر أن صاحب السمو الذي لطالما عقد الشعب الأردني الآمال على عقليته عقّد تلك الآمال بوجه أصحابها، وكل من رأى أنه الرجل المناسب في كل المناصب أعاد النظر فيما رأى، أما للأسف ما شهدناه من تهكم سموّه على الشعب، وتحدثه باستهزاء عن النخبة السياسية المعارضة في المملكة أثار حنق الشعب بما لا يمكن محوه.

عزيزي سمو الأمير، هل حقاً ترانا بتلك السخافة، يمكنك النزول إلى ساحاتنا وقت ما شئت وتنخيلنا! نحن شعب لسنا أبناء قصور، وذوينا ليسوا أصحاب سمو، ولا يسبق اسمنا ألقاب ملكية، ولكن رضعنا الكرامة من تراب الوطن الذي سففناه جوعاً، وتعلمنا كيف نفكر وكيف نميّز عقولنا عن غيرنا وكيف نصبح نخبة بما لا فضل لكم به، فبأي حق تنخلونا سموّكم؟

نخّلنا بالحق سموّك، نخّلنا بالقلم والورق سموّك، إذا أردت نخّلنا على المنابر، حاورنا، أظهر لنا الحق من الباطل، واشرح لنا أين أخطأنا وأنت أصبت؟ إذا كنت تعتقد أن الشعب الأردني ضعيف العقل واهن الفكر لا يعي ما يفعل، فأعّد التفكير باعتقاداتك سموّك، وأعد ثقتك بالشعب الأردني وثقته بك لمكانها، الشعب الذي يكفي قراءة تاريخه لمعرفة عقليته ووعيه وأخلاقياته، الشعب الذي ملأ ساحات المملكة بلوحات الحق وشعاراته وحمل كل جبل من جبال المملكة وسهولها ووديانها صدى صوته مطالبا بحقوقه التي أدركها وآمن بها بكامل وعيه وطالب بها بكامل قوته، هذا شعبٌ لا ينخَّل، منابره مفتوحة فأشر على من شئت وناظره ستعلم أنه لا ينطق عن الهوى، وستجد أنه لا أجندات لديه سوى حب الوطن والانتماء إليه والولاء له، هذي هي معتقداته فهل تراها دون مستوى إيمانك سموّك؟

من أراد تنخيل الشعب بالساحات، نخلّه الشعب بالمقالات.
و من أراد تنخيل الشعب بالإهانات، نخلّه الشعب بمنابر الأدب.
إيناس مسلّم
19-02-2012

Monday, February 6, 2012

في ذكراك سيدتي ...ما زلنا هنا

شِختُ قبل عامٍ وما زلتُ أشيخ ... 

كنا نُقتل قبل عام أماه ... وما بارحتنا يد الجلاد

رأيتِهم يسقطون.. فكأنكِ قلت
ِ الآن طاب الرحيل 

أيْ أم...

ما زلنا هنا .. وما زلنا على العهد 

وما زالوا أيضا...

ولكن قريبا 
.
.
.

كنت أخجل من دمعك أمي ... على قدر ما هتنته عليّ 

وما زلت عاقّا مثلما عهدتني...

أمي
يا أصيلة  
.
.

هلّا فردت قليلا رقعة الكفن 

فباطن الأرض ... 

أطهر مما على

 ظاهر التُرب 

من الظُلّام ... والعفنِ




إبنكِ...إبنُ حوران الذي لوحّتهُ شمسهَ وما ازدان رسمه إلا بكما 

إبنك ...إبنُ الشام



برشتا - اربد - حوران - أواخر صيف 2006





Thursday, January 12, 2012

Why the Assad Regime is Still in Power?


     After almost 10 months of unprecedented protests calling for freedom and regime change, Assad's regime still retains its hold on power, in spite of all internal and external pressure. Up to now the only thing that the regime and the protesters have proved is that they are both much stronger than anyone thought.

Anyone can see that when protests reach a critical mass they will be very hard to stop - even the unspeakable Syrian security apparatus backed by the Syrian army has found it really hard to suppress the current momentum of protest unfolding almost everywhere in Syria except in the largest two cities: the capital Damascus and Halab (Aleppo) remain relatively calm with only minor protests happening here and there. The question is WHY should this be so?

There is no doubt that the iron fist of the security forces and the army plays an important role in keeping things quiet in Damascus. Some people argue that as in Libya just before the regime collapsed the people of Damascus will join fellow protesters from outside the capital, but this does not explain the relative quiet in the northern city of Halab. The reason actually has to do with the Syrian middle class which is mostly concentrated in Damascus and Halab. Throughout the past 50 years, the  Syrian education system has been devoted to serving Ba'th Party radical ideology and to profiling both Hafez Assad and his son Bashar after him as demigods. This has created two whole generations who have never seen anything but the Assad family in power. For many people the mere idea of replacing the Assad family amounts to blasphemy, while for many others any change towards democracy appears just too good to be true in a corner of the world that has barely known any kind of democracy or civil rights in the last 4 generations.

A Syrian Woman Chanting for Freedom
The change in the Arab World during the Arab Spring has been led by the middle class which has been severely constrained over the last couple of decades. Though the middle class in Syria didn't gain any fundamental civil rights in Bashar Assad's reign, the young modern leader did create a new atmosphere for trade and opened up the Syrian market enabling entrepreneurs to develop excellent relations with neighboring countries and notably Turkey. This lead to the creation of a new class of wealthy businessmen concentrated mainly in the border city of Halab with many Syrians working for this newly created class and benefiting from the status quo. Even though lacking most its civil and political rights, this new class still prefers the status quo to the prospect of a much more uncertain future. Mass rallies supporting Assad were staged in Damascus and Halab.  Now I am pretty sure that the regime as always is still able to force people to attend such rallies, but I am equally sure that you will find a great number of people among these masses who still believe that Assad is Syria's best option.

What's more, the Syrian revolution never took the shape of a sectarian rebellion by the Sunni majority against the Alawite sect –which the Assad family comes from. Syria may number quite a few sects but the Ba'th party was a totally secular regime in which everyone suffered the same level of oppression. Yet the Syrian regime has waged a successful propaganda campaign against the uprising, which caricatures it as a sectarian movement.  This has driven almost all Alawites away from it, and a similar impact has been achieved in other parts of Syrian society which either fear that the uprising will turn finally turn into civil war or construct the new Syrian regime along  sectarian lines as in Lebanon, or reach a level similar to Iraq which is not much better than Lebanon.
Pro-Assad Mass Rallies in Damascus
Observers should also note that the Russians are totally against any type of UN or NATO involvement in the crisis. Syria is the oldest and the only ally of Russia in the Middle East; if Russia were to lose it, it would lose its only base in one of the world's most important hot zones. A Russian naval fleet has now made its way to Tartous, a major Syrian sea port on the Mediterranean. This sends a very strong signal to Western powers that Russia has no intention of repeating the mistake it made when dealing with the Libyan uprising.A Russian veto looms large for anyone trying to bring the Syrian case before the Security Council.

In my personal opinion, the Syrian people started their own revolution demanding freedom and democracy without the backing of any regional or global power. To date, their uprising has been the longest of all public movements during the Arab Spring and it is not showing any sign of weakening. In 1982 the same Syrian regime massacred 20,-30,000 people in the city of Hama in an operation ostensibly waged against the Muslim Brotherhood and their military wing that had seized control of the city at that time. The regime wanted to set an example for anyone who might think of following Hama's lead. Since there was a complete media blackout –much worse than the one now- the massacre was completed in less than a month. And now the very children of the victims of the Hama massacre are mobilizing to bring down the same tyranny that murdered their parents.  The chances of  this movement cooling down are very small  - too much blood has been spilt in almost every corner of Syria for anyone to have the right to call it off. It is a bone-breaking battle between a brave nation and a relentless tyranny. I only pray that the future will be brighter for this bold generation than it has been for their forebears.

Saturday, January 7, 2012

عن الهوية الفلسطينية والأمن القومي الأردني




الناظر إلى التصريحات الإسرائيلية منذ ثلاث أعوام تقريبا يرى فيها توجها سوداويا تجاه الأردن والوضع القائم به، مستغلّة وللأسف هشاشة الوضع الداخلي الاردني وتعمق الشرخ بين أبناء المجتمع الواحد نتيجة توجهات الدولة منذ عودة الحياة الديمقراطية للمملكة التي ساهمت وبكل أسف إلى تحويل أي تصريح من أي مسؤول إسرائيلي صغير أو كبير إلى قنبلة سياسية تهز الكيان السياسي والنسيج الاجتماعي الأردني.



تنوّع الطرح الإسرائيلي عبر تاريخ القضية في التعامل مع العنصر الفلسطيني المتبقي على أرضه التاريخيه عبر تاريخ الاحتلال، فما بعد عام 1967 تحديدا كان هناك توجهات رئيسة تلخصت في: الحل الفلسطيني عبر التوصل لتسوية مع قادة شرق فلسطين (الضفة الغربية) وغزة لصيغة حكم ذاتي أو أي صيغة أخرى، الحل الأردني الساعي لإعادة شرق فلسطين للأردن وإبقائها تحت سيادته مع نزع سلاحها وتعديل على الحدود، أما الحل الثالث الذي تبنّاه أقصى اليمين الصهيوني كان ابتلاع اسرائيل ما تبقى من فلسطين باعتبارها الجزء التوراتي الأصيل الذي تمت "استعادته" في حرب الأيام الستة. المشكلة الوحيدة المتبقية كانت في ظل وَهَن وانبطاح الموقف العربي هي الحل مع سكان شرق فلسطين وغزة المتبقين؟ هل الحل هو استيعابهم ضمن مكونات المجتمع الإسرائيلي كما تم استيعاب فلسطينيي 1948 أم هل يجب تطهير "يهودا" و"والسامرة" من المتطفلين العرب؟

كما تظهر المراجع الاسرائيلية والمراجع الأجنبية كان اليمين الإسرائيلي يطمح وبقوة إلى إسقاط النظام الأردني لإقامة حكومة فلسطينية وإنهاء القضية الفلسطينية مرة واحدة وللأبد، ذلك تقاطع وللأسف مع توجهات التنظيمات الفلسطينية التي كانت متواجدة على الساحة الأردنية والتي كانت تدعو جهاراً إلى إسقاط النظام الأردني وإقامة دولة ثورية فلسطينية على التراب الأردني.  شاء القدر أن لا ينجح كلا الطرفين في مسعاه ذاك، لكن اليوم وبعد فشل جلّ المحاولات الإسرائيلية في استيعاب وتدجين سكان شرق فلسطين وغزة، وعودة الحركة الوطنية والإسلامية إلى فلسطيني 1948 بقوة مما فرض على الجبهة الداخلية الإسرائيلية مخاطرَ ظنّت الدولة الإسرائيلية أنها دفنتها للأبد. كل ذلك وبرأيي يدفع الآن الساسة الصهاينة إلى حلول جذرية مستقاة من بدايات الحركة الصهيونية تهدف وبكل وقاحة وبساطة إلى نفي وجود "الشعب الفلسطيني" جذريا، وبأن الصراع كان وما يزال بين "شعب إسرائيل" اليهودي الذي يحارب من أجل أرضه التاريخية التي وهبت له بعطاء كريم من الله وبين مكوّن عربي دخيل على تلك الأرض لا أكثر. المخيف في الأمر هو طرح هذه الصيغة وتجذيرها في الخطاب الرسمي الإسرائيلي على لسان بعض وزراء الحكومة وعبر بعض المنابر الرسمية والعديد العديد من وسائل الإعلام وليس فقط من اليمين الإسرائيلي، بل تعدى الأمر إلى إيقاذ جذوة حرب المصطلحات التاريخية وتسميات المناطق داخل فلسطين المحتلة كما فعلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عبر منعها استخدام مصطلح "الضفة الغربية" واستبداله حصرا بتسميات يهودا والسامرة كما قامت بإلغاء التسميات العربية للمدن والقرى الفلسطينية. المخيف أكثر من هذا كله هو وصول هذا الطرح إلى مرشحي الرئاسة الأمريكية وتسابقهم لطرحه –على اختلاف درجة الصراحة- في محاولتهم لنيل الرضا الاسرائيلي الذي صار واضحاً أنه أحد أركان للوصول إلى البيت الأبيض.

الحرب اليوم لم تعد وللأسف حرب جيوش ودول، بل صارت صراعا لإثبات الوجود وتجذير الهوية الفلسطينية لدى سكان فلسطين العرب الأصليين، قد يكون الوجود الجسدي الآن للفلسطينيين في بلادهم طريقا أخرى من طرق مقاومة حرب الإبادة الإسرائيلية لأننا وللأسف بعدما خسرنا حروبنا العسكرية والقانونية نتجه الآن نحو خسارة الهوية الثقافية والتي تعبر بأبسط تجلياتها عن الوجود الطبيعي للسكان الأصليين لفلسطين المحتلة بل وللموروث الثقافي العروبي عموما. أذكر أنني قبل أيام كنت أشاهد برنامج مسابقات للطهاة في استراليا، أحدهم قام بتحضير ما سمّاه طبق (الكسكسي الإسرائيلي  Israeli couscous)، حتى طعام الشعوب العربية والإسلامية أصبح مستهدفا بسياسية التهويد. الطروحات الإسرائيلية قد تبدوا لنا بغاية الغباء والرد عليها يبدو لنا لنا أيضا بدهيا لا يحتاج إلى الكثير من الحجج والأدلة، لكن الحقيقة أننا نغفل تلك الزاوية بطريقة تجعل من كل ما نحمله موروث حضاري عرضة لخطر التهويد والشطب. الإسرائيلي يحاجج الآن بعدم وجود لغة فلسطينية ولم توجد على مدار التاريخ دولة إسمها فلسطين فمن أين هبط علينا "الفلسطينيون"؟؟ أتساءل أنا أيضاً إذا كانت لغة يسوع المسيح عليه السلام الآرامية فمن أي شعب هذا يجعله بالضبط؟؟

من ملصقات عصابة الأرغون قبل النكبة 
إعتقدت دوما أن سايكس وبيكو وبلفور عندما وقّعوا كل تلك المعاهدات والوعود المشؤمة كانوا قد أوقعوا كارثة جيوسياسية هائلة بشعوب المنطقة، لكن الآن أعتقد أنّهم ربما (وبالذات سايكس-بكيو) قد أدّوا للشعب الفلسطيني خدمة صغيرة (إثبات وجوده)، فبرأيي لو هُجّر الفلسطينيون إلى محيط عربي موحد وكبير جغرافيا لكانت فرصة الذوبان الكلي للفلسطينيين في محيطهم العربي. نحن كأردنيين نستخدم دوماً الكثير من المصطلحات التي قد تكون ذات معنى نبيل لكن هي تعمل فعليا على تعزيز الحجة الإسرائيلية في مطالب تهجير الفلسطينيين وشطب الشعب والثقافة الفلسطينية من التاريخ، مصطلحات مثل: شعب واحد، الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن..والكثير من هذه الأوصاف التي أطلقت تحببا وتعزيزا لوحدة القضية، لكن أعتقد اليوم أن مسألة الفصل بين الهويتين الأردنية والفلسطينية هي مسألة بقاء لكلتيهما، ولا اقصد بذلك الأردنيين من أصول فلسطينية بأي شكل.

أطلق عبدالسلام المجالي رئيس الوزراء الأردني آنذاك صيحته المشهورة "اليوم دفنا الوطن البديل"، كان ذلك بعد التوقيع على معاهدة وادي عربة ... الناظر إلى حال معاهدة السلام بعد سبع عشرة عاما من توقيعها يدرك تماما أن ما ترتّب له اسرائيل يتجاوز كل ما يتخوف منه الأردنيون والفلسطينيون سواء...الفلسطينيون لن يكونوا الوحيدين الذين يخسرون بلادهم، فلسطين ضاعت قبل 1948 بكثير...


Monday, January 2, 2012

2011: عام للذاكرة ... عام للتاريخ


لم أعتقد في حياتي أنني سأمر بهكذا عام حمل في طياته من الأحداث ما أستطيع توزيعه على حياة كاملة، احترت في تسميته عاماً أو سنة.. لكن في النهاية لم أرَ في كل ما جرى إلا ضياء فجر جديد لي ولبلدي ولأمتي نحو مستقبل أجمل.

فقدت في هذا العام الكثير من الأحبة والأصدقاء، لكني كسبت العديد أيضا. أذكر تماماً الفرحة العارمة والمفاجئة الكبرى التي عمّت البيت عندما رأينا بن علي "يولّي" أذكر كلمات أمي: يعز من يشاء ويذل من يشاء .. أذكر أيضا كيف قدت السيارة حاملا أمي في رحلتها الأخيرة إلى المستشفى في مساء 24 يناير وأذكر أيضا كيف كنت أتابع أخبار هيئة الإذاعة البريطانية من مذياع السيارة وأقول في نفسي هل سترى أمي مبارك وهو يسقط مثلما شهدت ما جرى لبن علي؟؟ المرض لم يمهلها كثيرا، ذهبت إلى لقاء ربها قبل أربع أيام من سقوط مبارك... بصراحة لا أدري ما الذي أصابني في مرض و وفاة أمي، اختفت كل العواطف البشرية مني، لم أبك كما الآخرين، كنت مذهولا بعض الشئ، أظن أنه وفي لحظات انهيار الجميع اشتغل ذهني لتحييد العاطفة وتسيير الأمور التي لا بد من عاقل لها لتسير. أعتقد أن أصعب ما في الأمر عليّ كان هو قيامي بالضغط على صدرها عندما فارقت الحياة وأنا أعلم أنها ذهبت بلا رجعة...ذهبت ولكنها استراحت من كل ذلك التعب ومن كل تلك المعاناة والألم المبرح الذي كنت أتمنى لها أن ترتاح منه ولو بأي طريقة..ذهبت ولا يسعني الان إلا أن أذكرها وأدعوا لها حتى نلتقي مجددا...
أمي: نجاح جرادات رحمها الله 

صديقي عمار ياسين رحمه الله 

صديقي محمد أبو خميس رحمه الله 



كان هذا العام أيضا رائعا بامتياز على الصعيد الشخصي، سعدت جداً بالصداقة الرائعة التي حظيت بها مع مجموعة رائعة من طلبة التبادل الثقافي والأجانب المقيمين في المملكة، أعتقد أنه ومن الصعوبة بمكان أن أجد صداقة تثري الشخصية مثل صداقتي بـ بيتسي، بولا، شاديا، بيتر، آدم، سارة، مريم، برينان، روز، فاليريا ... أسماء كثيرة، وجوه جميلة وأرواح أجمل التقيت بها وتعلمت منها كيف نعيش سوية على خلاف العقائد والسياسات والنظرة للعالم..شكرا لكم أحبتي




في هذا العام تعلمنا الكثير..

تعلمنا أنه ما زال في العروبة أمل، وفي وما زال في قلوبنا من الحرارة ما يجعلنا نقف في وجه الريح لمرة أخرى قادمة.. تعلمت في هذا العام الكثير من الأسماء: البوعزيزي، أحمد حرارة، توكل كرمان، حمزة الخطيب. هذه الأسماء التي شقت لنا طريقا من وسط الظلام وجعلت من وحل الواقع وصخوره سلما نصعد عليه مجددا بعد سقوط دام طويلا..هذه الأسماء ستدوم طويلا، قد يحق لها أن تدوم للأبد فما صنعته يقارب الخيال. قبل عام وجه وزير ألماني تحذيرا للمواطنين الألمان للانتباه من كل مجموعة تتكلم العربية فيما بينها...في 2011 جريدة ألمانية زينت صفحتها الرئيسية بكلمة "الحرية" مكتوبة بالعربية وصاح متظاهروا "وول ستريت" بالعربية: (الشعب يريد اسقاط وول ستريت) وفيها ارتفع المحتوى العربي على الانترنت 2000% ... في 2011 أثبتنا للعالم مرة واحدة وللأبد انه بامكان رجل واحد تغيير العالم.



كل عام وانتم بخير ... عامكم ربيع...عامكم حرية ..... عامكم عربي