Friday, November 16, 2012

في قلب العاصفة

النظام ...
شعور غريب، هل كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد؟ لماذا؟ هل هم وهو بهذه الدرجة من الغباء؟ كل هذا كان يدور في خَلَدي وأنا بين الشباب الغاضب المخنوق من الوضع القائم والغاز المسيل للدموع في جبل الحسين بعد دفعنا من قبل قوات الدرك من مشارف دوار الداخلية يوم الخميس الأربعاء الماضي ... "يسقط يسقط عبدالله" كانت تدوي بين البنايات بشكل مخيف ... أحيانا أستشعر بعمق أنه وللحظات الدولة بنظام حكمها هو المؤجج الرئيس للشارع...لم تفلح محاولات الحراكات والأحزاب في تأليب الشارع كما نجحت به منظومة الحكم في هذا البلد ..غالب  الوجوه لا أعرفها متوسط الأعمار لا يتجاوز الخمسة والعشرين عاما .. غضب شديد وخوف اشد من مسقبل غامض ينتظرنا ...

لم أكن قط مع كل الهتاف المنادي باسقاط النظام ... الكثير شعرت برغبته الشديدة في ترديده من باب النكاية أحيانا أو التقليد في الأغلب  قليل جدا هم اولئك المؤمنون به حقا... لكن الهتاف ضد الملك عبدالله الثاني كان يأتي من الصميم... الشعور العارم الخيانة والابتسامات من نوافذ البيوت عند التذكير بما يشاع عن الملك من مثالب تعطي الكثير من المعاني عن الوعي المخفي لدى الكثير من الأردنيين عمّا يحصل حقا خلف أبواب القصر ... برغم الكثير من قناعاتي اخترت أن لا أهتف بإسقاط الملك... مراقبة المشهد العام بالنسبة لي تحتاج الكثير من التركيز الذي كنت بالكاد أحافظ عليه وسط الغاز والجري أمام الدرك والهروب من حافلة الاعتقال ...

من باب ال"تخبيص"القول بأن الشارع يريد اسقاط النظام..الشارع يريد لقمة العيش الكريمة..الشارع لم يابه بكل المناكفة والانحدار السياسي خلال عامين لكنه اهتز وبقوة جرّاء ما يجري على مائدة الطعام التي تصغر باستمرار...ومن باب المراهقة كل هذا التركيز على هتافات اسقاط الوضع السياسي القائم التي تنفر غالب الناس وتدفع بهم للابتعاد عما يجري بدلا من جذبهم عبر الهتاف المنادي بلقمة العيش الكريمة...

الدم ...
الغضب العارم التي اجتاح البلد مساء يوم الثلاثاء نتيجة لرفع أسعار المحروقات لم اشاهده قط..الرغبة في عقاب المسؤول عن هذا المآل كان الغالب...يوم الأربعاء انفجر الشارع بالكامل..المضحك المبكي المؤلم أن مناطق العشائر حول الممكلة هي من شهدت بشكل أو بآخر "العنف" وال"تخريب" ... دولة زرعت الفرقة وأججت الولاءات العشائرية منذ عام 1999 من قمة الغباء أن لا ترى أن الدم سيأتي من حيث تكون الثقافة الوطنية في أدنى مستوى مقارنة بالشعور الوطني العام عدى عن المدسوسين من قبل الأجهزة الأمنية الذين سأتكلم عنهم لاحقا ...في المقابل حافظت عمان واربد على نهج الاحتجاج السلمي بالرغم من كل الاعتقال والقمع .. الزرقاء دخلت على خط الاحتجاج في مؤشر خطير جدا على خسارة الطبقة الوسطى التي تمثل مثاليتها في الأردن ..

خبر مقتل أول شباب البلد ليل الاربعاء شكّل كارثة بالنسبة لي ... لحقه بدقائق خبر اصابة أحد أفراد قوات الدرك بالرصاص في منطقة عشائرية ..الدم في مجتمع مثل مجتمعنا لا يمكن احتماله ... طبعا الرواية الرسمية لمقتل الشاب أثناء اقتحامه بالسلاح لمركز أمني بالنسبة لي هي نموذج للهراء الرسمي ... وفي مجتمع مثل مجتمعنا وكما عهدنا من تصريحات السلطة فهي آخر ما يمكن الوثوق به حتى بما يتعلق بحالة الطقس ...

التدليس...
لا يمكنني أن أتوقع من جهاز أمن يتربع على رأسه شخص مثل حسين المجالي إلا ما رأيته وسمعته..شخص بعنجهية المجالي وتاريخه المتواصل من الأردن للبحرين في خلق مؤسسات الخوف تجعل كل ما يتفوه به متوقع تماما ... الكذب هو كلمة لطيفة جدا لوصف التصريحات التي خرج علينا بها جهاز الأمن العام والتدليس ربما تكون أكثر مناسبة لما يحدث ...

وصف كل حالة شغب بأنها منسوبة لناشطي الحراك السياسي هو قمة الدناءة...لماذا كانت الحالة السلمية الكاملة من التحرك الشعبي خلال الأيام الأربعة الماضية متركزة في المناطق التي شهدت نشاطات الحراك خلال السنتين الماضييتين؟ لماذا يتركز العنف في المناطق العشائرية؟ لماذا تجد في نفس المنطقة احتجاجا سلميا يرافقه على مسافة قريبة مجموعة تقوم بالنهب والتخريب والإحراق؟ لماذا تم اغفال مجموعات الزعران التي تهجمت على الاعتصامات السلمية في اربد بالسلاح الأبيض بعد فشل الدرك في فض الاعتصام السلمي في ميدات وصفي التل بإربد؟ 

مجتمع تحرك بكل ما فيه من جمال وقبح ... رزان وهيجان...يتوقع منه كل شئ بعد افراغ الجيوب المثقوبة اصلا، لكن ميليشات الروؤس الكبار التي رأيناها في أكثر من مناسبة خلال سنوات قبل ابتداء الحراك الشعبي واثناءه لم يتم حتى التلميح لها ... الكل يعلم أنه في أوقات الأزمة تنشط المجموعات الإجرامية...لكن وكعادة أنظمتنا العربية التي تشترك بنفس مشيمة السقوط الأخلاقي يتم وصف كل مجرم بأنه حراكي ...

في الداخلية وبعد دفعنا من قوات الدرك نحو الحسيني وتحت وطأة القمع الغير مبرر والغاز الذي خنق الجميع، بدأ بعض الشباب برمي الحجارة، طبعا تم الضرب على أيديهم ولكن ليس من قبل الدرك ولكن من قبل بقية العاقلين داخل التظاهرة ... مشاهد مشرفة تكررت تجاه بعض "الغرباء" الذين حاولوا اما خلع عمود من الرصيف أو اتلاف شجرة  ... اعتقد ان القمع الذي تلقوه من جانب المتظاهرين كان على وشك أن يقارب مستوى القمع الذي شهدناه من قوات الدرك الا أنه كان ينقصنا الغاز ... لماذا لم تتعرض أي سيارة للتخريب؟ لماذا لم يتم كسر نوافذ أي محل علما أنها كانت كلها مفتوحة ذلك الوقت؟ البارحة وفي شارع الأردن دورية شرطة دخلت من منتصف التظاهرة ولم يتم التعرض لها ولو بكلمة ... ألا يدعو ذلك للفخر والذكرأكثر من حالات التخريب ذات المنبت المشكوك بأصله ...

أين الملك؟
في عين الإعصار..وفي ظل أسوأ أزمة يتلقاها الأردن خلال فترة حكمه... يختفي الملك...أنا اؤمن أن الأردن مر بظروف أصعب على العائلة الحاكمة مما يحدث اليوم..اتساءل عن شعوره وهو يسمع اسمه يتردد على جدران عمان وجدران ديوانه بصورة مخالفة لما عهده خلال عهده الميمون..... الملك لم أرغب بلقاءه إلا مرة واحدة  قبل شهور...اليوم أتمنى لقاءه لأسمع منه وأحكي له الكثير...لكن الأغلب أن ما ساقوله لن يعجبه.

2 comments:

  1. When I saw yr tweet the other day and u kinda` disappeared I thought u got arrested!
    I was worried!

    And there r a lot of ppl getting worried for their families and loved ones.
    But ppl r fed up, more than ever.

    The story is moreless the same in Jordan as it was in the surrounding countries.

    What gets to me -also- is that some ppl are kinda` taken into the action side of it, as if it`s a game! Sorry but this is what I feel.
    (going to protest for the sake of it) / (hitting and arresting ppl for the sake of it)

    Know what I mean Akram?
    The look of a policeman / daraki while he pushes some1 into a police fan and/or the idiotic shants of some1 on the mike

    I can just imagine how an officer of a certain police group feels just before his team gets out of a van and start encountering ppl, ppl from his country who are angry, hungry, and demand basic things, demand dignity.

    I can only imagine how a group of youth gather and start planning how they shall go from A to B and if they get lost from each other or anything how to deal with that , and in the process start chanting against the regime and demand the king to be overthrown or something.

    It`s insane! Not just because it -finally- reached Jo, it was there from a very beginning , in our collective minds as a country.

    What gets to me how some ppl r -from now- trying to exploit the situation, from silly individual acts (twitter, media, a reporter who just needs a good photo, ..) to ppl who r SUPPOSED to be in a position of responsibility and trying to gain marks here and there!

    It`s insane.
    :(

    I realize I`m gabbling here, I`m quiet emotional and not making sense maybe, all I know is it aches my heart, and the fact that it`s happening while one is watching from afar adds terribly to it.

    The king, Gvmnt won`t show a substantial move cause simply there r no viable immediate options.

    We shall concentrate on the elections and the outlook of the situation in the eyes of the world <--- that`s the motto! :(

    Allah yostor

    ReplyDelete
  2. الأنظمة العربية واحدة , لا تختلف كثيراا ,جميع السيناريوهات تمشي علي نفس النمط,ولكن مع اختلافات ربما عشائرية أو حسب البيئة ,وربنا يقدم لكم الأصلح يارب

    ReplyDelete