Showing posts with label النظام. Show all posts
Showing posts with label النظام. Show all posts

Thursday, December 13, 2012

المطلوب ... يسار ملكي

بداية لا بد أن أقول أن لا يوجد أي خطأ في فكرة اللقاء مع الملك، كنت سعيدا عندما علمت بخبر اللقاء، لكن حقيقة ما تسرب من تفاصيل اللقاء أثار في نفسي مشاعر مختلفة من القلق تارة والسخرية تارة والقليل القليل من التفاؤل.

اللقاء كان يغلب على حضوره من جانب الحراك اللون اليساري، لكن حقيقة تفاجأت بحضور شخصية من شاكلة ناهض حتر. ناهض حتر ليس من ناشطي الحراك في المملكة بقدر ما هو جزء من نسيج القيادات السياسية المهترئة وصاحب طرح مصيب في نواح لكن مخيف وعنصري في نواح كثيرة أخرى.

من المعروف عن جلالة الملك نفوره الشديد من تيارات ما يعرف بالـ"إسلام السياسي"، وحالة الشد شبه الدائم يتخللها بعض الجذب مع التيار الأكبر داخل المملكة "الإخوان المسلمون" يبدو أنها وصلت طريقا مسدودا. كانت هناك الكثير من الدعوات المطالبة بخروج تيار ثالث يكسر ثنائية الدولة والإخوان وعلى ما يبدو وفي أعقاب توابع هبة تشرين يبدو أن نظام الدولة الأردنية أخذ على عاتقه بلورة نواة لهذا التيار بما يخدم مصالحه. يبدو أن المطلوب حاليا هو إيصال أي وجه من وجوه الحراك إلى البرلمان القادم حتى يقال وبالفم العريض أن البرلمان مكون لكل أطياف المجتمع الأردني.

لا أعتقد أن جلالة الملك جلس مع أي مسؤول أردني أو أجنبي نفس المدة التي قضاها في هذا اللقاء مع ناشطي الحراك. ما تسرب من أنباء عن اللقاء يفيد بمستوى جديد من المصارحة وهذا جميل جدا، لكن الغالب من الملك كان الاستماع. الملك يبدو أنه نجح في دغدغة عواطف ناهض بعدة مواضيع أهمها سوريا، من البدهيات أن موقف الأردن المحايد من سوريا والرافض لاشتراكه بأي عمل عسكري لا يأتي من اعتبارات قومية بالمطلق بل كونها حصسبة مصالح وقدرات لا أكثر ولا أقل. لنتذكر كلنا أن أي لقاء لا يجب أن يأخذ طابع جلسة علاج وفضفضة بقدر ما يجب أن يكون رسما لخطوات واضحة على طريق بيّن. لكن لا بد لي من القول أن كلام الملك مستغربا وجود شباب معتقل على خلفية سياسية وإصداره أوامره "حكيت للشباب يطلعوهم" علما أن محكمة أمن الدولة تماطل بإخراج ناشطي الحراك يحعلني حقيقة أتساءل.. من يحكم البلد حقّاَ؟

النفس الساذج جدا الذي خرج به  علينا عبر الصحافة ثلاثي اليسار الأردني المقدس (موفق محادين وسعود القبيلات وناهض حتر) يعطي صورة حقيقة لمعضلة الجيل -جيل الهزيمة كما أحب أن أسميه-. الكرنفالية التي احتفل بها هذا الثلاثي تشرح لنا بوضوح أن هم الكثير من عجائز السياسية في الأردن ليس إخراج البلد من عنق الزجاجة بقدر ما هو إخراج لأنفسهم من رطوبة المقار الحزبية إلى شمس "الرابع". 

ناهض حتّر كتب عقب اللقاء مقال (الملك: أنا يساري) ... حقيقة أكتفي بما رد فيه أدهم غرايبة الناشط اليساري الشاب وأحد حاضري اللقاء قائلا:
" في اللقاء قال لنا الملك " أنه يساري " !
كيف يمكننا إذا أن نفسر حملات الخصخصة التي داهمت ثرواتنا الوطنية و مؤسساتنا العامة و تركتنا في مواجهة صقيع إفلاس الدولة و خواء ميزانيتها العامة ؟
لو كان الملك يساريا لما أهتز القطاع العام و لا تراجعت مستويات الصحة و التعليم و الخدمات البلدية و لما أنقرضت الزراعة , أو تكاد , في بلدنا !"

عقب كل أزمة تمر على الأردن وبلادنا العربية لا يمكنني إلا أن أزداد اقتناعا أن مشكلتنا في جزء كبير منها تتلخص في عقليات أحفورية لا زالت تقامر بمستقبلنا. كلّي أمل أن لا يقبل شباب اليسار أن يتحولوا إلى بيادق في يد هذا أو ذاك على طاولة القمار السياسي في بلدنا المتعب.
"
يساري ضد اليمين و يميني ضد اليسار و سلفي ضد العلمانيين وعلماني ضد السلفيين"

Wednesday, November 28, 2012

بنج موضعي


ضحكت طويلا عندما قرأت مقال النيويورك تايمز عن أزمة هبة تشرين في الأردن، الأمريكان حقيقة يعرفون كيف يقرأون الشارع وقت الأزمات، كيف يجيرون ما يحدث فيه لمصلحتهم...بل حتى كيف يزردعون أفكارا لا تخطر على بال الجن الأزرق.

خلال الهبة وكعادتي في محبة معايشة الحدث، شاركت في المسيرات التي كانت تحدث في عمان  وبالتحديد في جبل الحسين، دائما كان يفرقنا الدرك لنتجه نحو المخيم هربا من الاعتقال ولملمةً للصفوف. يوم الخميس قرر الشباب التوجه نحو بوابة الديوان الملكي من طريق شارع الأردن. كالعادة مضيت مع الجماعة التي استمرت تكبر وتكبر خلال المسير بين البيوت الفقيرة المنتشرة على عتبات القصر. طوال الطريق وطيلة أيام الهبة لم أسمع شخصيا أي هتاف للأمير حمزة ولم أشعر بأي توجه نحو الأمير كأمل قادم، حتى هتاف إسقاط النظام لو حللناه بما يتفق مع سايكولوجيا الجماهير لوجدنا بكل بساطة أن ما يُراد حقّا اسقاطه هو "نهج" أكثر من كونه "عرش".

المقال الصادم من النيويورك تايمز كان بمثابة قمة التشويه وتلبيس الحقائق لما يدور فعليا في الشارع، ويعطي مؤشرا خطيرا لخطة "ب" يتم تحضيرها خارجيا للتنفيذ أردنيا في حال ساءت الأمور. زاد على كل هذا سوءا مقال القدس العربي الذي تحدث فيه عن رسائل تطمينية من جماعة الاخوان المسلمين إلى الملكة رانيا حول مؤسسة ولاية العهد. أعتقد أن كل قصة الرسائل هي محض افتراء ومحاولة أخرى لزرع فكرة إشكالية ولاية العهد وخلق صراع على الفراغ بين الفئات السياسية الأردنية وشق ثوب المعارضة المهترئ أصلا.

عبر تاريخ المملكة ومنذ استلام الهاشميين للسلطة، لم يبدأ أي ملك عهده بشعبية واسعة ربما نستثني من هذا الملك طلال الذي كان مرغوبا من قبل الجماهير لمواقفه المناهضة للاستعمار والداعمة للقضايا العربية. باقي الملوك اكتسبوا شعبيتهم بمرور الوقت،  لم يكن الأردنيون يعرفون ملكهم الحالي وهو أمير ولم يكن له معشار الشعبية والاحترام الذي يكنه الأردنيون لشخصية من شاكلة الأمير الحسن بن طلال، ولكنّ الأردنيين نقلوا عادة الحب بعد الزواج من نطاق الزوجية إلى نطاق علاقة الحاكم والمحكوم، ولم تشكل هوية الحاكم لهم أي إشكال، ربما يشعرون بين الحين والآخر أن "س" ربما يكون أصلح من "ص" لكنهم وبعادتهم يفضلون ال"ستيرة" ومعايشة الواقع.

مرحلة ازدراع الأفكار هو ما يمكنني توصيفه للحالة الراهنة، ربما تكون مقالة النيويورك تايمز من التأثير على صناع القرار الأمريكيين بما يفوق كل ما تمت كتابته منذ بداية الربيع العربي بما يخص الشأن الأردني، بل حتى أن هذه المقالة ربما قامت بما لم تقم به الكثير من المظاهرات الكبرى حول المملكة. زرع فكرة الحل البديل عن طريق تبديل الأسماء هو حل لا يبتعد كثيرا عن العقلية الأمريكية في الإبقاء على المملكة بدورها الوظيفي والاحتفاظ بالأردن في الجعبة الأمريكية وتخدير الوضع الداخلي لسنوات طويلة قادمة أملا في "الجديد القادم".

بغض النظر عن ما هو قادم، ما سقط فعليا في عيون الناس هو نهج القيادة والكوارث التي جلبتها للبلد، -النهج- وليس الشخص هو ما يجب تغييره، التعدي على شؤون الأردن الداخلية لا يمكنني قبوله من أي كان، والارتهان للخارجي الذي أفقدنا جل شعورنا القومي وانتماءنا للمحيط العربي والإسلامي لا يمكن القبول بعلاجه عن طريق حلّ خارجي مهما كانت المبررات، عقد اجتماعي جديد نحفظ فيه حقوقنا ونرسم "للجميع" حدوده ونوضح فيه بكل صراحة أن "من يحكم يُسأل".
مشاكلنا نحلها بأيدينا...لسنا بحاجة إلى الأجنبي..ومتى دخل الأجنبي دخلت الفتنة. 

Friday, November 16, 2012

في قلب العاصفة

النظام ...
شعور غريب، هل كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد؟ لماذا؟ هل هم وهو بهذه الدرجة من الغباء؟ كل هذا كان يدور في خَلَدي وأنا بين الشباب الغاضب المخنوق من الوضع القائم والغاز المسيل للدموع في جبل الحسين بعد دفعنا من قبل قوات الدرك من مشارف دوار الداخلية يوم الخميس الأربعاء الماضي ... "يسقط يسقط عبدالله" كانت تدوي بين البنايات بشكل مخيف ... أحيانا أستشعر بعمق أنه وللحظات الدولة بنظام حكمها هو المؤجج الرئيس للشارع...لم تفلح محاولات الحراكات والأحزاب في تأليب الشارع كما نجحت به منظومة الحكم في هذا البلد ..غالب  الوجوه لا أعرفها متوسط الأعمار لا يتجاوز الخمسة والعشرين عاما .. غضب شديد وخوف اشد من مسقبل غامض ينتظرنا ...

لم أكن قط مع كل الهتاف المنادي باسقاط النظام ... الكثير شعرت برغبته الشديدة في ترديده من باب النكاية أحيانا أو التقليد في الأغلب  قليل جدا هم اولئك المؤمنون به حقا... لكن الهتاف ضد الملك عبدالله الثاني كان يأتي من الصميم... الشعور العارم الخيانة والابتسامات من نوافذ البيوت عند التذكير بما يشاع عن الملك من مثالب تعطي الكثير من المعاني عن الوعي المخفي لدى الكثير من الأردنيين عمّا يحصل حقا خلف أبواب القصر ... برغم الكثير من قناعاتي اخترت أن لا أهتف بإسقاط الملك... مراقبة المشهد العام بالنسبة لي تحتاج الكثير من التركيز الذي كنت بالكاد أحافظ عليه وسط الغاز والجري أمام الدرك والهروب من حافلة الاعتقال ...

من باب ال"تخبيص"القول بأن الشارع يريد اسقاط النظام..الشارع يريد لقمة العيش الكريمة..الشارع لم يابه بكل المناكفة والانحدار السياسي خلال عامين لكنه اهتز وبقوة جرّاء ما يجري على مائدة الطعام التي تصغر باستمرار...ومن باب المراهقة كل هذا التركيز على هتافات اسقاط الوضع السياسي القائم التي تنفر غالب الناس وتدفع بهم للابتعاد عما يجري بدلا من جذبهم عبر الهتاف المنادي بلقمة العيش الكريمة...

الدم ...
الغضب العارم التي اجتاح البلد مساء يوم الثلاثاء نتيجة لرفع أسعار المحروقات لم اشاهده قط..الرغبة في عقاب المسؤول عن هذا المآل كان الغالب...يوم الأربعاء انفجر الشارع بالكامل..المضحك المبكي المؤلم أن مناطق العشائر حول الممكلة هي من شهدت بشكل أو بآخر "العنف" وال"تخريب" ... دولة زرعت الفرقة وأججت الولاءات العشائرية منذ عام 1999 من قمة الغباء أن لا ترى أن الدم سيأتي من حيث تكون الثقافة الوطنية في أدنى مستوى مقارنة بالشعور الوطني العام عدى عن المدسوسين من قبل الأجهزة الأمنية الذين سأتكلم عنهم لاحقا ...في المقابل حافظت عمان واربد على نهج الاحتجاج السلمي بالرغم من كل الاعتقال والقمع .. الزرقاء دخلت على خط الاحتجاج في مؤشر خطير جدا على خسارة الطبقة الوسطى التي تمثل مثاليتها في الأردن ..

خبر مقتل أول شباب البلد ليل الاربعاء شكّل كارثة بالنسبة لي ... لحقه بدقائق خبر اصابة أحد أفراد قوات الدرك بالرصاص في منطقة عشائرية ..الدم في مجتمع مثل مجتمعنا لا يمكن احتماله ... طبعا الرواية الرسمية لمقتل الشاب أثناء اقتحامه بالسلاح لمركز أمني بالنسبة لي هي نموذج للهراء الرسمي ... وفي مجتمع مثل مجتمعنا وكما عهدنا من تصريحات السلطة فهي آخر ما يمكن الوثوق به حتى بما يتعلق بحالة الطقس ...

التدليس...
لا يمكنني أن أتوقع من جهاز أمن يتربع على رأسه شخص مثل حسين المجالي إلا ما رأيته وسمعته..شخص بعنجهية المجالي وتاريخه المتواصل من الأردن للبحرين في خلق مؤسسات الخوف تجعل كل ما يتفوه به متوقع تماما ... الكذب هو كلمة لطيفة جدا لوصف التصريحات التي خرج علينا بها جهاز الأمن العام والتدليس ربما تكون أكثر مناسبة لما يحدث ...

وصف كل حالة شغب بأنها منسوبة لناشطي الحراك السياسي هو قمة الدناءة...لماذا كانت الحالة السلمية الكاملة من التحرك الشعبي خلال الأيام الأربعة الماضية متركزة في المناطق التي شهدت نشاطات الحراك خلال السنتين الماضييتين؟ لماذا يتركز العنف في المناطق العشائرية؟ لماذا تجد في نفس المنطقة احتجاجا سلميا يرافقه على مسافة قريبة مجموعة تقوم بالنهب والتخريب والإحراق؟ لماذا تم اغفال مجموعات الزعران التي تهجمت على الاعتصامات السلمية في اربد بالسلاح الأبيض بعد فشل الدرك في فض الاعتصام السلمي في ميدات وصفي التل بإربد؟ 

مجتمع تحرك بكل ما فيه من جمال وقبح ... رزان وهيجان...يتوقع منه كل شئ بعد افراغ الجيوب المثقوبة اصلا، لكن ميليشات الروؤس الكبار التي رأيناها في أكثر من مناسبة خلال سنوات قبل ابتداء الحراك الشعبي واثناءه لم يتم حتى التلميح لها ... الكل يعلم أنه في أوقات الأزمة تنشط المجموعات الإجرامية...لكن وكعادة أنظمتنا العربية التي تشترك بنفس مشيمة السقوط الأخلاقي يتم وصف كل مجرم بأنه حراكي ...

في الداخلية وبعد دفعنا من قوات الدرك نحو الحسيني وتحت وطأة القمع الغير مبرر والغاز الذي خنق الجميع، بدأ بعض الشباب برمي الحجارة، طبعا تم الضرب على أيديهم ولكن ليس من قبل الدرك ولكن من قبل بقية العاقلين داخل التظاهرة ... مشاهد مشرفة تكررت تجاه بعض "الغرباء" الذين حاولوا اما خلع عمود من الرصيف أو اتلاف شجرة  ... اعتقد ان القمع الذي تلقوه من جانب المتظاهرين كان على وشك أن يقارب مستوى القمع الذي شهدناه من قوات الدرك الا أنه كان ينقصنا الغاز ... لماذا لم تتعرض أي سيارة للتخريب؟ لماذا لم يتم كسر نوافذ أي محل علما أنها كانت كلها مفتوحة ذلك الوقت؟ البارحة وفي شارع الأردن دورية شرطة دخلت من منتصف التظاهرة ولم يتم التعرض لها ولو بكلمة ... ألا يدعو ذلك للفخر والذكرأكثر من حالات التخريب ذات المنبت المشكوك بأصله ...

أين الملك؟
في عين الإعصار..وفي ظل أسوأ أزمة يتلقاها الأردن خلال فترة حكمه... يختفي الملك...أنا اؤمن أن الأردن مر بظروف أصعب على العائلة الحاكمة مما يحدث اليوم..اتساءل عن شعوره وهو يسمع اسمه يتردد على جدران عمان وجدران ديوانه بصورة مخالفة لما عهده خلال عهده الميمون..... الملك لم أرغب بلقاءه إلا مرة واحدة  قبل شهور...اليوم أتمنى لقاءه لأسمع منه وأحكي له الكثير...لكن الأغلب أن ما ساقوله لن يعجبه.