ضحكت طويلا عندما قرأت مقال النيويورك تايمز عن أزمة هبة تشرين في الأردن، الأمريكان حقيقة يعرفون كيف يقرأون الشارع وقت الأزمات، كيف
يجيرون ما يحدث فيه لمصلحتهم...بل حتى كيف يزردعون أفكارا لا تخطر على بال الجن
الأزرق.
خلال الهبة وكعادتي في محبة معايشة الحدث، شاركت في
المسيرات التي كانت تحدث في عمان
وبالتحديد في جبل الحسين، دائما كان يفرقنا الدرك لنتجه نحو المخيم هربا من
الاعتقال ولملمةً للصفوف. يوم الخميس قرر الشباب التوجه نحو بوابة الديوان الملكي
من طريق شارع الأردن. كالعادة مضيت مع الجماعة التي استمرت تكبر وتكبر خلال المسير
بين البيوت الفقيرة المنتشرة على عتبات القصر. طوال الطريق وطيلة أيام الهبة لم
أسمع شخصيا أي هتاف للأمير حمزة ولم أشعر بأي توجه نحو الأمير كأمل قادم، حتى هتاف إسقاط النظام لو حللناه بما يتفق مع سايكولوجيا الجماهير لوجدنا بكل بساطة أن ما يُراد حقّا اسقاطه هو "نهج" أكثر من كونه "عرش".
المقال الصادم من النيويورك تايمز كان بمثابة قمة التشويه وتلبيس الحقائق لما يدور فعليا في الشارع، ويعطي مؤشرا خطيرا لخطة "ب" يتم تحضيرها خارجيا للتنفيذ أردنيا في حال ساءت الأمور. زاد على كل هذا سوءا مقال القدس العربي الذي تحدث فيه عن رسائل تطمينية من جماعة الاخوان المسلمين إلى الملكة رانيا حول مؤسسة ولاية العهد. أعتقد أن كل قصة الرسائل هي محض افتراء ومحاولة أخرى لزرع فكرة إشكالية ولاية العهد وخلق صراع على الفراغ بين الفئات السياسية الأردنية وشق ثوب المعارضة المهترئ أصلا.
المقال الصادم من النيويورك تايمز كان بمثابة قمة التشويه وتلبيس الحقائق لما يدور فعليا في الشارع، ويعطي مؤشرا خطيرا لخطة "ب" يتم تحضيرها خارجيا للتنفيذ أردنيا في حال ساءت الأمور. زاد على كل هذا سوءا مقال القدس العربي الذي تحدث فيه عن رسائل تطمينية من جماعة الاخوان المسلمين إلى الملكة رانيا حول مؤسسة ولاية العهد. أعتقد أن كل قصة الرسائل هي محض افتراء ومحاولة أخرى لزرع فكرة إشكالية ولاية العهد وخلق صراع على الفراغ بين الفئات السياسية الأردنية وشق ثوب المعارضة المهترئ أصلا.
عبر تاريخ المملكة ومنذ استلام الهاشميين للسلطة، لم
يبدأ أي ملك عهده بشعبية واسعة ربما نستثني من هذا الملك طلال الذي كان مرغوبا من
قبل الجماهير لمواقفه المناهضة للاستعمار والداعمة للقضايا العربية. باقي الملوك
اكتسبوا شعبيتهم بمرور الوقت، لم يكن الأردنيون يعرفون ملكهم الحالي وهو أمير ولم يكن له معشار الشعبية والاحترام الذي يكنه الأردنيون لشخصية من شاكلة الأمير الحسن بن طلال، ولكنّ الأردنيين نقلوا عادة الحب بعد الزواج من نطاق
الزوجية إلى نطاق علاقة الحاكم والمحكوم، ولم تشكل هوية الحاكم لهم أي إشكال، ربما
يشعرون بين الحين والآخر أن "س" ربما يكون أصلح من "ص" لكنهم
وبعادتهم يفضلون ال"ستيرة" ومعايشة الواقع.
مرحلة ازدراع الأفكار هو ما يمكنني توصيفه للحالة
الراهنة، ربما تكون مقالة النيويورك تايمز من التأثير على صناع القرار الأمريكيين
بما يفوق كل ما تمت كتابته منذ بداية الربيع العربي بما يخص الشأن الأردني، بل حتى أن هذه المقالة ربما قامت بما لم تقم به الكثير من المظاهرات الكبرى حول المملكة. زرع
فكرة الحل البديل عن طريق تبديل الأسماء هو حل لا يبتعد كثيرا عن العقلية
الأمريكية في الإبقاء على المملكة بدورها الوظيفي والاحتفاظ بالأردن في الجعبة
الأمريكية وتخدير الوضع الداخلي لسنوات طويلة قادمة أملا في "الجديد
القادم".
بغض النظر عن ما هو قادم، ما سقط فعليا في عيون الناس هو
نهج القيادة والكوارث التي جلبتها للبلد، -النهج- وليس الشخص هو ما يجب تغييره،
التعدي على شؤون الأردن الداخلية لا يمكنني قبوله من أي كان، والارتهان للخارجي
الذي أفقدنا جل شعورنا القومي وانتماءنا للمحيط العربي والإسلامي لا يمكن القبول
بعلاجه عن طريق حلّ خارجي مهما كانت المبررات، عقد اجتماعي جديد نحفظ فيه حقوقنا
ونرسم "للجميع" حدوده ونوضح فيه بكل صراحة أن "من يحكم يُسأل".
مشاكلنا نحلها بأيدينا...لسنا بحاجة إلى الأجنبي..ومتى دخل الأجنبي دخلت الفتنة.
مشاكلنا نحلها بأيدينا...لسنا بحاجة إلى الأجنبي..ومتى دخل الأجنبي دخلت الفتنة.