المراقب للساحة الأردنية يجد أنه من الصعوبة بمكان إيجاد تبرير أو تعليل منطقي من منظور إيجابي لما قامت وتقوم به جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي جبهة العمل الإسلامي، فبصفتها العنصر الأكبر من عناصر "المعارضة" التقليدية في الحياة السياسية الأردنية والمنادي الأكبر لإعادة ما سُلِب من حقوق للشعب الأردني، يرى نفسه أما مفارقة عجيبة بحاجة إلى كثير من الشرح، المفارقة تكمن في جديّة الحركة في قبول "مشاركة" الأردنيين في كل ما يجري عل الساحة الأردنية في هذه الأيام.
من يتتبّع حركات الجماعة خلال الحراك الإجتماعي الإصلاحي في المملكة هذه الأيام يصعب عليه جدا أن لا يلاحظ النغمة النشاز التي تعزفها الحركة بالذات والتي كانت تتصف بالسذاجة والقصور في الرؤية، أطرح على سبيل المثال موقفها من الحراك الشعبي في بدايته و الذي انطلق مع بدايات هذا العام عندما قررت هي وباقي ما يسمّى بالمعارضة والنقابات بالتخلّي عن مشاركة الشعب حراكه وتنفيذ حراك بديل أمام مجلس النواب. بعد ذلك طبعا وعند اتساع رقعة الاحتجاج لم تجد "تنسيقية المعارضة" من بد في مشاركة الأردنيين "صياحهم" لكن طبعا كان لا بد من صبغ تلك التظاهرات بمسحة خضراء، حتى أن القرار "التاريخي" برفع العلم الأردني وحيدا في مظاهرات الحسيني تم اتخاذه من فترة قريبة جدا.
الكثيرون يطالبون بالإصلاح الحكومي وإعادة البلد إلى دستور 1952 ومحاربة الفساد لكن الحقيقة أن أحزابنا الأردنية هي بحاجة ماسّة لإصلاح شمولي يزرع فكرة المواطنة والمشاركة والانتماء كمبادئ أساسية يقوم عليها أي حزب، أما سياسة الامتطاء وركوب موج الحراك الشعبي لا لشئ ولكن لتحقيق مآرب حزبية لا أقل ولا أكثر. على سبيل المثال لا الحصر أيضا: لم نرَ فعلياً أي محضر حقيقي أوصورة واضحة للمطالب والردود على تلك المطالب التي وضعت على طاولة البحث في لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع القيادات الإخوانية الغير مسبوق، قبل أسبوع أحدهم دعاني للمشاركة في تظاهرات 24 آذار، مما طرح ذلك الشاب أن (قيادات الإخوان أعطت الملك 4 شهور لإطلاق إصلاح حقيقي في البلد وانه لحد الان لم يرَ أحد شيئا من ذلك فصار الحراك واجبا) طبعاً الشاهد هنا أنه لو صح ذلك فبأي حق يتكلم حزب وممثليه بإسم شعب بكامله حتى ولو مثّلوا "فرضيّا" نسبة كبيرة منه، وبأي حق يتم طرح شروط ومواعيد بدون حتى نشر ذلك وإعلام الشعب المسكين بما يجري في البيت الأردني؟
تجربة بسيطة: قبل فترة كتبت عن (تجمع الطلبة الإحرار) وعن ملاحظة لاحظتها عندما مررت سريعا بالمؤتمر الصحفي وهي كون أغلب الحضور من "خلفية" واحدة، طبعا بعد القليل من التمحيص تفاجئت وساءني جداً كون هذا اطلاق هذا التجمع جاء بناءً على أوامر حزب جبهة العمل الإسلامي، الأمر الذي رفضته القوى الطلابية داخل الجامعات الأردنية. طبعاً لم أكتف بالبيانات وتوجهت شخصيا بالسؤال على صفحة التجمع على الفيس بوك قائلا: (تساؤلات كثيرة تدور حول خلفية تجمع الطلبة الأحرار السياسية و كون جل اللجنة التأسيسية للتجمع أتت من الإتجاه الإسلامي في حين قالت باقي التيارات في الجامعات الأردنية أن التجمع جاء بقرار من جبهة العمل الإسلامي وأنها بهذا العمل وجهت ضربة لوحدة الجسم الطلابي) طبعا أفحمني عضو اللجنة التأسيسية في التجمّع أحمد العكايلة بجوابه قائلا:( كلنا بنعرف مين هو الشارع الطلابي ومين بعبر عن نبض الشارع الطلابي). طبعا جواب بهذه الدبلوماسية واختطاف للشارع الطلابي بهذا الشكل لا أجد أي تفسيرٍ منطقيّ له فحزب الجبهة اليوم يقوم بما يقوم من يطالبهم هو بالإصلاح: إختطاف رأي وصوت المواطن وحصره وقولبته في إطار فكريّ ضيقٍ أدّى فيما أدّى إليه إلى اختصار شعوب بأكملها في شخصية حزب أو تيّار سياسي. أعجبني جدا موقفٌ من الإخوان المسلمين في مصر حين قالوا: نحن جزء من الشعب المصري لا نتقدم لا نتأخر عليه ... هذا ما نريده هنا جزء منّا ليس همّه الظفر بكرسي السائق بقد ما هو همّ المشاركة في صنع مستقبل أفضل لنا جميعا.
شباب الأحزاب الآن تدعوا إلى التصعيد في الشارع في 24 آذار، وكلٌّ يدّعي أنه صاحب الفضل والريادة في هذا التحرك الخطير ... أحترم رأي الشباب في رغبتهم بفرض واقع الإصلاح كمحتّمٍ في هذه الفترة من حياة البلد ولكي أنا لن أشارك ليس لأنني لا أريد الإصلاح بل لأنني أريده ولكن ليس ببوقٍ حزبي سيُحمّلُني فضله إلى يوم الدين إن حصل أصلا ولكن أيضا أعتقد أنه ما زال معنا فسحة للحوار والضغط والنقد البنّاء للوصول إلى حالٍ أفضل ... لا أدري ما الذي سيجري غدا ولكن فقط إتقوا الله في البلد!
This comment has been removed by the author.
ReplyDelete